أدخل كلمة للبحث

  • تسجيل الدخول
  • الفهرس
  • القرآن الكريم
  • أمثلة و حكم
  • اتصل
  • السبت 12, أبريل 2025








بلاغ عام

حصريا بالموقع

    • اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة

      اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.توطئة: أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله. 1 – القوة الإدراكية في الإنسان: بادئ ذي بدء، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة، وما لم يبحث عن سر وجوده، وعن غاية وجوده، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته، هناك حاجات سفلى، وحاجات دنيا، وهناك حاجات عليا مقدسة. فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة، والذي يتعرف إلى سر وجوده، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته، ويحقق وجوده في الأرض. 2 – أصلُ الدين معرفةُ الله: النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض، المسافة كبيرة جداً، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ))[رواه الدارمي في سننه] والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل: (( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء))[ورد في الأثر] أيها الإخوة الكرام، لو أن طفلاً صغيراً قال: معي مبلغ عظيم، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى: أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب، فإنك تقدره مئتي مليار، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم، فإذا قال خالق السماوات والأرض: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾( سورة النساء ) 3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم: لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل. بالمناسبة، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ. 4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر: أيها الإخوة الكرام، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله، وتتعرف إلى أمره ونهيه، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، بينما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر. كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى، الصحابة الكرام قلة، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا، لأنهم عرفوا الله، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإننا لسنا ممكَّنين، والله عز وجل يقول: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55) ﴾( سورة النور) نحن كما في الآية الكريمة، وهذا هو الواقع المرّ، نحن لسنا مستخلَفين، ولسنا ممكَّنين، ولسنا آمنين، والكرة في ملعبنا، لأنه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ﴾( سورة مريم) إذاً: الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله، وطبقوا منهجه، فاستحقوا وعود الله عز وجل، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين. على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً، قال بعض العلماء: هناك علم بخلقه، يعني عندنا واقع، والعلم وصف ما هو كائن، هناك ظواهر فلكية، علم الفلك، ظواهر فيزيائية، علم الفيزياء ظواهر كيميائية، علم الكيمياء، ظواهر نفسية علم نفس، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع، فالعلم مختص بما هو كائن، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين، تطابق الواقع، عليها دليل، هذا هو العلم. 5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة: لكن هناك شيء آخر، هناك علم بأمره، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم، والطب، والهندسة، والصيدلة، وما إلى ذلك، هذا علم بخلقه، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا، أما العلم بأمره فأصل في العبادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات )العبادة:1 – تعريف العبادة:س والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.2 – الكليات الثلاث في العبادة: هذا التعريف فيه كليات ثلاث، فيه كلية معرفية، وكلية سلوكية، وكلية جمالية:الكلية السلوكية هي الأصل، وما لم يستقم المسلم على أمر الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً، هذه الكلية السلوكية. المؤمن ملتزم، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل، المؤمن في حياته منظومة قيم، عنده فرض، عنده واجب، عنده سنة مؤكدة، سنة غير مؤكدة، مباح، مكروه تنزيهاً، مكروه تحريماً، حرام، العلم بأمره أصل في قبول العبادة.3 – العبادات شعائرية وتعاملية: بالمناسبة العبادة واسعة جداً، هناك عبادة شعائرية، وهناك عبادة تعاملية، العبادات الشعائرية منها الصلاة والصوم لا تصح، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال بعض العلماء: " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة:(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا ))[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]العلمُ بأمر الله ونهيه فرض عين: هناك علم بخلق الله، والمسلمون مدعوون إلى طلب هذا العلم، بل هو عليهم فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، وهو أصل في صلاح الدنيا، بينما العلم بأمره أن تعرف الحلال والحرام، أن تعرف أحكام التعامل التجاري، أحكام التعامل اليومي، هذه كلها من أحكام الفقه، ولا بد من أن يتعرف الإنسان إليها، لتأتي حركته في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل. إنك بالاستقامة تسلم، لأنك تطبق تعليمات الصانع، وما من جهة في الأرض أجدر من أن تتبع تعليماتها إلا الجهة الصانعة، لأنها الجهة الخبيرة وحدها: ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾( سورة فاطر الآية: 19 ) العلم بأمره فرض عين على كل مسلم، العلم بخَلقه فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، بينما العلم بأمره فرض عيني على كل مسلم، كيف تعبد الله ؟ من أجل أن تعبده لا بد من أن تعرف أمره ونهيه، فالعلم بخلقه من أجل صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، وعلم بأمره من أجل قبول العبادة.العلمُ بأمر الله يحتاج إلى دراسة، والعلم بالله يحتاج على مجاهدة: لكن بقي العلم به، العلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة، إلى مدرس، إلى كتاب، إلى وقت، إلى مطالعة، إلى مذاكرة، إلى مراجعة، إلى أداء امتحان، إلى نيل شهادة، ولكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة. أنت حينما تلتزم، وحينما تأتي حركتك في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل عندئذ يتفضل الله علينا جميعاً فيمنحنا وميضاً من معرفته جل جلاله، فلذلك العلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة، وعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة أيضاً والعلم بخلقه وبأمره أصل في صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، والثاني أصل في قبول العبادة، لكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة، فبقدر ما تضبط جوارحك، بقدر ما تضبط حركاتك وسكناتك، بقدر ما تضبط تطلعاتك وبيتك وعملك، بقدر ما يتفضل الله عليك بأن يمنحك شيئاً من معرفته.طرق معرفة الله تعالى: الحقيقة نحن أمام طرق ثلاثة سالكة:الطريق الأولى: النظرُ في الآيات الكونية: أول بند آياته الكونية، قال تعالى:﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) لذلك من أجل أن نعرف الله عز وجل لا بد من أن نتفكر في مخلوقاته، والآية واضحة جداً، وفيها إشارة دقيقة إلى أن المؤمن يتفكر في خلق السماوات والأرض تفكراً مستمراً، والفعل المضارع ( يتفكرون ) يدل على الاستمرار، فمن أجل أن أعرف الله ينبغي أن أتفكر في مخلوقاته. هذا الكون أيها الإخوة الكرام ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، وقد قيل: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي. أول شيء، هناك آيات كونية تحتاج إلى تفكر، الآيات الكونية نتفكر بها، وهذا طريق آمن، لأن كل ما في الكون يعد مظهراً لأسماء الله الحسنى، وهذا موضوع الدرس الأول. ترى في الكون رحمة، إذاً: الله رحيم، ترى في الكون حكمة، إذاً: الله حكيم، ترى في الكون قوة، الله قوي، ترى في الكون غنى الله غني، فكأن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، هذا طريق إلى معرفة الله. بالمناسبة في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون. أيها الإخوة الكرام، بربكم إن قرأت آية فيها أمر، تقتضي هذه الآية أن تأتمر، وإن قرأت آية فيها نهي، تقتضي هذه الآية أن تنتهي، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل الجنة تقتضي هذه الآية أن تسعى لدخول الجنة، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار تقتضي هذه الآية أن تتقي النار، ولو بشق تمرة، وإن قرأت قصة أقوام سابقين دمرهم الله عز وجل تقتضي هذه الآية أن نتعظ، وأن نبتعد عن كل عمل يفعله هؤلاء. الآن السؤال: وإذا قرأت آية فيها إشارة إلى الكون، إلى خلق الإنسان، ماذا تقتضي هذه الآية ؟ تقتضي هذه الآية أن تفكر في خلق السماوات والأرض. أيها الإخوة الكرام، ألف وثلاث مئة آية في القرآن الكريم تتحدث عن الكون، وخلق الإنسان، والآية مرة ثانية أرددها على مسامعكم: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) هذا طريق سالك إلى الله، وهو التفكر في خلق السماوات والأرض، وهو طريق سالك وآمن ومثمر.الطريق الثانية: النظرُ في أفعالِ الله تعالى: هناك طريق آخر، قال تعالى:﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) ﴾( سورة النحل ) الآن الطريق الثاني في معرفة الله: أن تنظر في أفعاله، الله عز وجل فعّال لما يريد، وأفعاله متعلقة بالحكمة المطلقة، وقد قال بعض العلماء: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وأراده الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق. بالمناسبة، هناك آيات كونية هي خَلقه، وهناك آيات تكوينية هي أفعالُه، وهناك آيات قرآنية كلامُه، إذاً: طريق معرفة الله التفكر في آياته الكونية خلقه، والنظر في آياته التكوينية أفعاله، ثم تدبر آياته القرآنية. ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتُك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـــما وليت عنا لغيرناو لــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتناولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحـبناولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً و اشتياقاً لقربنـــا***آية فيها سلامة الإنسان: أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أيها الإخوة الكرام: ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾( سورة الرعد الآية: 28 ) في القلب فراغ لا يملأه المال، ولا تملأه المتع، ولا تملأه القوة، نحن بحاجة إلى الإيمان، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾( سورة طه ) الإنسان مجبول على حب وجوده، وعلى جب سلامة وجوده، وعلى حب كمال وجوده، وعلى حب استمرار وجوده، سلامة وجوده أساسها تطبيق منهج الله، وكمال وجوده أسها القرب من الله عز وجل، واستمرار وجوده أساها تربية الأولاد كي يكون هذا الابن استمراراً لأبيه.أربع مساحات في الإسلام:1 ـ مساحة العقيدة:العقيدة أخطر المساحات الأربع: أيها الإخوة الكرام، إذا: يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات، المساحة الأولى: مساحة العقيدة، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة، لأنها إذا صحت صح العمل، وإذا فسدت فسد العمل. بالمناسبة، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة، تعرف سر الحياة الدنيا، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟ لذلك إذا شرد الإنسان عن الله، وتوهم أفكاراً معينة، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة، أن هذه الأفكار غير صحيحة، أما حينما يؤمن بالله، ويؤمن بمنهجه، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون، ولحقيقة الحياة الدنيا، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح. فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح، أما إذا كان منضبطاً، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة، فالخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر. لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة، فإن صحت صحّ العمل، وإن فسدت فسد العمل، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك. للتقريب: أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً، لذلك يجب أن تصح عقائدنا، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح، خرافة أحياناً، شيئا شاع بين الناس، فلابد من بحث في العقيدة، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله، لكن لأن الله عز وجل يقول:﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد ) لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً، قضية التقليد مرفوضة، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد )2 ـ مساحة العبادة:الأصل في العبادات المنعُ والحَظْرُ: المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات، والأصل في العبادات الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت، لأن العبادات قربات إلى الله، والله عز وجل يقول: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات ) والعبادة علة وجودنا، بل هي سر وجودنا، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً، ولها مفهومات واسعة. العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته، وفي كل أحواله، وفي كل شؤونه فلذلك، المساحة الثانية العبادات.لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية: أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))[ مسلم عن أبي هريرة ] هذه الصلاة. الصوم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة ] الحج:(( من حج بمال حرام، ووضع رجله في الركاب، وقال: لبيك اللهم لبيك ينادى أن: لا لبيك، ولا سعديك، وحجك مردود عليك ))[ ورد في الأثر ] الزكاة، قال تعالى: ﴿ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ {53} ﴾( سورة التوبة الآية: 53 ) شهادة أن لا إله لا الله:(( من قال: لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها ؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ] فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد، والمساحة الثانية مساحة العبادات.3 ـ مساحة المعاملات: والمساحة الثالثة مساحة المعاملات، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال: (( أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ))[ أحمد عن أم سلة ] إذاً: الإسلام مجموعة قيم أخلاقية، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ ))[ متفق عليه عن ابن عمر ] الإسلام بناء أخلاقي، والعبادات الخمس أركان الإسلام، لذلك قالوا: الإيمان هو الخَلق، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان. أول مساحة العقائد، الثانية العبادات، الثالثة المعاملات: ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام. والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا.4 ـ مساحة الأخلاق: المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق، ما لم يكن منصفاً، ما لم يكن متواضعاً، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين.خاتمة: أيها الإخوة الكرام، هذا تقديم وتمهيد لموضوع أسماء الله الحسنى، يقول الله عز وجل:﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) ﴾( سورة طه ) ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾( سورة الأعراف ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))[ متفق عليه ] وهاتان الآيتان وهذا الحديث نشرحهما إن شاء الله في درس قادم.والحمد لله رب العالمين

    • الصَّلاة

    • المصائب

بالصوت و الصورة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016
chalhaoui

الداعي إلى الله


https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjnAh5aGb2GIMtnTkQfB4FdebKro-76MoCDSQQtzdfAIU6q_1NGBwyLeFvsyu8D5IbjmMdKQRYFpVkX2Y2S5odaj-z86lZZrJS8sG0qaaWXdIn_KqtYZ8ZjYxXLdkWJlA5kmnxtmOXkwckr/s320/




الداعي إلى الله

الركن الثاني من أركان الدعوة هو الداعي إلى الله والمراد به كل مسلم حمل أمانة الدعوة، ودخل في قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين} (يوسف:108).
والواجبات التي يجب توفرها في الداعي إلى الله هي:
 العلم بما يدعو إليه:
الواجب الأول الذي يجب توفره في الداعي إلى الله أن يكون عالماً بما يدعو إليه، موقناً أن الذي يدعو إليه هو الإسلام. ولأن الإسلام دين متين يشمل جميع عمل الإنسان وعلاقاته بربه ثم بجميع المخلوقات، والعالم من حوله، والعلوم التي جاء بها الدين واسعة جداً فالغيب الذي أخبرنا الله به يبدأ من بدايات الخـلق إلى نهاية الدنيا، مروراً بكل الرسالات والنبوات، ووصولاً إلى أحوال المعـاد والجنة والنار.. ثم إن الشريعة التي فرضها الله علينا تنتظم جميع أعمال المكلفين وتصرفاتهم على الأرض، وحلاً لجميع مشكلاتهم، وقضاءً لجميع أقضياتهم.. ولأن هذا العلم من الاتساع والشمول والعمق مما لا يحيط به إلا الأفذاذ من الرجال، ولا يجمعه إلا الفحول من العلماء ولا يفقهه حق الفقه إلا الأفراد من الراسخين في العلم.. كان لا بد للداعي إلى الله أن لا يهجم على أمر من أمور الدين إلا بعد العلم به، ولا يفتي في مسألة إلا بعد فقه أبعادها ولا يدعو الناس إلا بعد العلم أن ما يدعو إليه هو ما أمر به الله ورسوله ولا ينهى عن شيء إلا بعد العلم أن ما ينهى عنه هو مما نهى الله ورسوله عنه.
ولا يجوز أن تجعل الأمور الاجتهادية، وما لا نص فيه في منزلة الأمور المنصوص عليها المقطـوع بها.. ويجب على الداعي أن يضع كل أمر في نصابه، ودليل هذا كله قوله تعالى:{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} (يوسف:108) فالبصيرة العلـم، وكذلك قوله: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} (النحل:125) فما لم يكن من سبيل الله لا يجوز الدعوة إليه، وما لم يعلم أنه من سبيل الله لا يجوز أن يدعى إليه.
والدعوة على جهل تؤدي إلى فساد الدين فكثيرون دعوا على جهل فضلوا وأضلوا..
وسبيل العلم هو المربي والكتاب والمنهج، وقد سئل شيخنا عبدالعزيز بن باز حفظه الله عن الكتب التي يجب على الداعي إلى الله أن يتعلمها فقال:
"أعظم كتاب وأشرف كتاب أنصح به هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فأنصح كل داع إلى الله، وكل آمر بالمعروف وناه عن المنكر، ومعلم، ومدرس، ومرشد، ذكراً كان أو أنثى، أن يعتني بكتاب الله ويتدبره، ويكثر من قراءته، فهو أصل كل خير، وهو المعلم وهو الهادي إلى الخير، كما قال عز وجل: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} (الإسراء:89).
وهو يهدي بهداية الله إلى الطريق الأقوم إلى سبيل الرشاد، فالواجب على الدعاة والآمرين بالمعروف والمعلمين، أن يجتهدوا في قراءته وتدبر معانيه، فإنهم بذلك يستفيدون الفائدة العظيمة، ويتأهلون بذلك للدعوة والتعليم بتوفيق الله عز وجل.
ثم أنصح بالسنة، وما جاء فيها من العلم والهدى، وأن يراجع الداعي إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والمدرس ذكوراً وإناثاً كتب الحديث، وما ألفه الناس من هذا ،حتى يستفيد من ذلك، وأهم كتب الحديث وأصحها، صحيح البخاري، وصحيح مسلم، فليكثر من مراجعتهما، والاستفادة منهما، ومن بقية كتب الحديث كالسنن الأربع، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي وغيرها من كتب الحديث المعروفة كما أوصي بمراجعة كتب أهل العلم المفيدة، مثل المنتقى للمجد ابن تيمية، ورياض الصالحين، وبلوغ المرام، وعمدة الحديث، وجامع العلم وفضله لابن عبدالبر، وجامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب، وزاد المعاد في هدي خير العبـاد للعلامة ابن القيم، وأعلام الموقعين، وطريق الهجرتين، والطرق الحكمية كلها له أيضاً..
وكذلك ما كتبه أبو العباس شيخ الإسـلام ابن تيمية في السياسة الشرعية، والحسبة في الفتاوى، ومنهـاج السنة، فهو من الأئمة العظماء الذين جربوا هذا الأمر، وبرزوا فيه، ونفع الله به الأمة ونصر به الحق، وأذل به البدع وأهلها فجزاه الله وإخوانه العلماء عن صبرهم وجهادهم أفضل ما جزي به المحسنين إنه جواد كريم ..
فأنا أنصح كل مسلم، وكل معلم، وكل مرشد أن يعتني بهذه الكتب المفيدة بعد العناية بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم..
 العمل بما يدعو إليه:
الواجب الثاني الذي يجب للداعي أن يكون عامـلاً بما يدعو الناس إليه، فإذا دعا غيره إلى خير كان أسبق الناس إليه، وإذا نهاهـم عن شر كان أبعد الناس منه، ودليل هذا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:2-3) وقوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} (البقرة:44).
وقوله تعالى عن شعيب: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} (هود:81) وفي الحديث الصحيح: [يؤتى بالرجل يوم القيامة فتندلق أقتابه في النار، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه] (متفق عليه).
قال شيخنا عبدالعزيز بن باز حفظه الله: "ومن الأخلاق والأوصاف التي ينبغي، بل يجب أن يكون عليها الداعية، العمل بدعوته، وأن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه، ليس ممن يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عن شيء ثم يرتكبه، هذه حال الخاسرين نعوذ بالله من ذلك، أما المؤمنون الرابحون فهم دعاة الحق يعملون به وينشطون فيه ويسارعون إليه، ويبتعدون عما ينهون عنه قـال الله جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:2-3).
هذه الآية العظيمة تبين لنا أن الداعي إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون ذا عمل صالح يدعو إلى الله بلسانه، ويدعو إلى الله بأفعاله أيضاً، ولهذا قال بعده "وعمل صالحاً"، فهو داعية إلى الله باللسان، وداعية بالعمل ولا أحسن قولاً من هذا الصنف من الناس: هم الدعاة إلى الله بأقوالهم الطيبة، وهم يوجهون الناس بالأقوال والأعمال، فصاروا قدوة صالحة في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم.
وهكذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام دعاة إلى الله بالأقوال والأعمال، والسيرة.. وكثير من المدعوين ينتفعون بالسيرة أكثر مما ينتفعون بالأقوال، ولا سيماً العـامة وأرباب العلوم القاصرة فإنهم ينتفعون من السيرة والأخلاق الفاضلة والآمال الصالحة، ما لا ينتفعون من الأقوال التي قد لا يفهمونها، فالداعي إلى الله عز وجل من أهم المهمات في حقه أن يكون ذا سيرة حسنة، وذا عمل صالـح، وذا خلق فاضل حتى يقتدي بفعاله وأقواله" (من أقوال الشيخ بن باز ص/65-66).
 احتساب أجر الدعوة إلى الله:
يجب على الداعي إلى الله أن يكون محتسباً لا يطلب على دعوته أجراً. قال تعالى: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} (ص:86) وحتى لا يتهم في دعوته، وأنه لم يدع إلا للدنيا، ولذلك أمر الله جميع رسله أن يقولوا {وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين} (الشعراء:109).
وأتباع الرسل والأنبياء يجب أن يأتسوا بهم في دعوتهم إلى الله فتكون دعوتهم إلى الله من أجل دينه، واحتساباً لله، وبهذا تجد دعوتهم القبول، وتنتفي عنهم الظنة ويكونون بعيدين عن الشبهة.
قال شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظه الله: "أما أخلاق الدعاة وصفاتهم التي ينبغي أن يكونوا عليها فقد أوضحها الله جل وعلا في آيات كثيرة في أماكن متعددة من كتابه الكريم (أولاً) منها:
* الإخلاص: فيجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله عز وجل لا يريد رياء ولا سمعة ولا ثناء الناس ولا حمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عز وجل، كما قال سبحانه وتعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله} (يوسف:108) ..وقال عز وجل: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله} (فصلت:33) فعليك أن تخلص لله عز وجل، هذا أهم الأخلاق، هذا أعظم الصفات أن تكون في دعوتك تريد وجه الله والدار الآخرة" (الدعوة وأخلاق الدعاة ص/36-37).
ولا شك أن إخلاص الداعية لله في دعوته هو من سر النجاح فيها، ووضع القبول له في الأرض.
قال الإمام الذهبي رحمه الله: "كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا وصاروا أئمة يقتدى بهم، وطلبه قـوم منهم أولاً لا لله، وحصلوه، ثم استفاقوا وحاسبوا أنفسهم فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعد، وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله. فهذا أيضاً حسن، ثم نشروه بنية صالحة .
وقـوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا وليثنى عليهم، فلهم ما نووا: قال عليه السلام: [من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقـالاً فله ما نوى] (رواه أحمد والنسائي والحاكم وصححه الألباني في الجامع 6401).
وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله تعالى.
وقوم نالوا العلم وولوا به المناصب، فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم وركبوا الكبائر والفواحش، فتباً لهم، فما هؤلاء بعلماء!
وبعضهم لم يتق الله في علمه بل رَكِبَ الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار، وبعضهم اجترأ على الله، ووضع الأحاديث فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار، وهؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئاً كبيراً، وتضلعوا منه في الجملة، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل، وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير، أوهموا به أنهم علماء فضلاء، ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله لأنهم ما رأوا شيخاً يقتدى به في العلم، فصاروا همجاً رعاعاً، غاية المدرس منهم أن يحصل كتباً مثمنة يخزنها، وينظر فيها يوماً ما، فيصحف ما يورده ولا يقرره، فنسأل الله النجاة والعفو" (سير أعلام النبلاء 7/152-153).
قـال عبدالله بن المبارك: "قيل لحمدون بن أحمد: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنهـم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق" (صفوة الصفوة 4/122).
 الصبر على الأذى:
لا بد للداعي إلى الله من التحلي بالصبر لأنه لا بد وأن يؤذى في دعوته فكل الرسل قد عودوا، وقد قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: (لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي) (متفق عليه)..
قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً} (الفرقان:31).وقال صلى الله عليه وسلم: [أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل] (رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني في صحيح الجامع 993).
ومن أجـل ذلك قرن الله الصبر مع التواصي بالحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: {والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} (العصر:1-3).. وقال تعالى عن لقمان وهو يعظ ابنه: {يا بني أقم الصلاة، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان:17).
والرسـل أوذوا من الكفار المعلنين للكفر، ومن أهل النفاق ومن أهل الجهل، والحمق كذلك ممن يظهر الدين!!
وقد أوذي سيـد البشر، وخاتم الرسل وإمام المتقين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم من المشركين واليهـود والنصارى كما لقي أيضاً من المنافقين أذى كبيراً فقد كان منهم من قـال في حقه: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، وكان منهم من سب زوجته، وآذاه في أهله ومنهم من قال: (هو أذن)، ومنهم من تآمر على قتله.. الخ.
كمـا أؤذي صلى الله عليه وسلم من بعض الجهال الحمقى من أمثال من قال له: (اعدل يا محمد فوالله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله) (متفق عليه).
وكذلك أوذي خيار أصحابه من بعده، وما زال الصديق والفاروق يسبان أشد السب إلى يومنا هذا..
فالداعي إلى الله لا بد وأن يؤذى، ويبتلى. فإذا كان الداعي إلى الله من أهل الصبر استمر في دعوته، وإن كان من أهل الجزع والضعف والخور، ترك الدعوة إلى الله وإن كان من أهل الحمق والجهل ربما اعتدى على من يدعوهم، وانتصر لنفسه فأفسد دعوته، وأبطل جهاده في سبيل الله.
الحرص على هداية من يدعوه:
الواجب الخامس الذي يجب توفره في الداعي إلى الله أن يكون حريصاً على هداية من يدعوه فإذا كان من يدعوه كافراً كان حريصاً على إيمانه ساعياً في ذلك بكل سبيل، وقد كان سيد الدعاة والمهتدين وهو نبينا صلى الله عليه وسلم ليحزن أشد الحزن حتى يكاد يقتله الغم أسفاً على نفور الناس من دعوته..
قال تعالى معزياً ومعاتباً له: {لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً} (الكهف:6)..
وقد وصفه تعالى بالحرص على هداية الناس. قال تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (التوبة:128).. وقال تعالى: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} (النحل:37)..
والداعي إذا كان حريصاً على هداية من يدعوه سعى إلى ذلك بكل سبيل ولم يدخر وسعاً في إيصال الحق له، واستخدم معه كل وسيلة ناجعة، وأزال كل عقبة تصده عن الحق.
وأما إذا اتصف بضد ذلك أهمل في دعوة من يدعوه، ولم يكترث لهدايته أو ضلاله..
وإذا كان من تدعوه مسلماً وكنت حريصاً على أن يهتدي للحق الذي تدعوه إليه، وللمعروف الذي تأمـره به، حملك هذا على إخلاص النية، وبذل قصارى الجهد، والفرح بهداية من تدعوه، والحزن إذا لم يستجب لك.
 اتخاذ الحكمة منهجاً وسبيلاً:
أمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالحسنى، قال تعالى: {وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
* قال فيلسان العرب:
الحكمة: هي العدل، ورجل حكيم، عدل حكيم، واحكم الأمر أتقنه، ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أحكمته التجارب.. والحكيم المتقن للأمور.
وأصله من المنع: ومنه قوله الشاعر
بني حنيفة أَحكموا سفهاكم *** أني أخاف عليكم أن أغضبا
أي ردوهم وكفوهم.
ومنه حَكَمَةُ اللجام ما أحاط بحنكي الدابة، وسميت حكمة لأنها تمنعها من الجري الشديد.. والحكمة مانعة لصاحبها من الوقوع في الخطأ.
* معنى الحكمة في الشرع:
قال الإمام ابن جرير رحمه الله: "القول في تأويل قوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلـم بمن أضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين}.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {ادع} يا محمد من أرسلك إليه ربك بالدعاء إلى طاعته {إلى سبيل ربك} يقول: إلى شريعة ربك التي شرعها لخلقه، وهو الإسلام {بالحكمة} يقول بوحي الله الذي يوحيه إليك، وكتابه الذي نزله عليك {والموعظة الحسنة} يقول: وبالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه، وذكرهم بها في تنزيله، كالتي عدد عليهم في هذه السورة من حججه، وذكرهم فيها ما ذكرهم من آلائه {وجادلهم بالتي هي أحسن} يقول: وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك".
وقال الإمـام برهان الدين البقاعي في نظم الدرر: "{ادع} أي كل من يمكن دعوته.. {إلى سبيل ربك} أي المحسن إليك، بتسهيل السبيل الذي تدعو إليه واتساعه، وهو الإسلام الذي هو الملة الحنفية.. {بالحكمة} وهي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن، والقبح، والصلاح، والفساد، وقيل لها حكمة لأنها بمنزلة المانع من الفساد، وما لا ينبغي أن يختار، فالحكيم هو العالم بما يمنع من الفساد، قال الرماني، وهي في الحقيقة الحق الصريح، فمن كان أهلاً له دعا به {والموعظة} بضرب الأمثال والوعد، والوعيد مع خلط الرغبة بالرهبة والإنذار بالبشارة.. {الحسنة} أي التي يسهل على كل فهم ظاهرها، ويروق كل نحرير ما ضمنته سرائرها، مع اللين في مقصودها، وتأديتها هذا لمن لا يحتمل إلا ذلك.. {وجادلهم} أي الذين يحتملون ذلك منهم افْتِلهم عن مذاهبهم الباطلة إلى مذهبك الحق بطريق الحجاج.. {بالتي هي أحسن} من الطرق بالترفق واللين والوقار، والسكينة، ولا تعرض عنهم، ولا تجازهم بسيء مقالهم، وقبيح فعالهم صفحاً عنهم ورفقاً بهم، فهو بيان لأصناف الدعوة بحسب عقول المدعوين لأن الأنبياء عليهم السلام مأمورون بأن يخاطبوا الناس على قدر عقولهم" أ.هـ
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره في بيان معنى الحكمة: "{بالحكمة} أي كل أحد على حسب حاله وفهمه، وقبوله وانقياده، ومن الحكمة، الدعوة بالعلم لا بالجهل، والبدأة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين، فإن انقاد بالحكمة، وإلا فينتقل معه إلى الدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر، والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، إما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر إكرام من قام بدين الله، وإهانة من لم يقم به، وإما بذكر ما أعد الله للطائعين، من الثواب العاجل والآجل، وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل، فإن كان المدعو، يرى أن ما هو عليه حق، أو كان داعيه إلى الباطل، فيجادل بالتي هي أحسن، وهي الطرق التي تكون ادعى لاستجابته عقلاً ونقلاً، ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود، وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة، تذهب بمقصودها ولا تحصل الفائدة منها، بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها". (تفسير السعدي 3/92-93).
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -حفظه الله-:
"ومن الحكمة إيضاح المعنى وبيانه بالأساليب المؤثرة التي يفهمها المدعو وبلغته التي يفهمها حتى لا تبقى عنده شبهة، وحتى لا يخفى عليه الحق بسبب عدم البيان، أو بسبب عدم إقناعه بلغته، أو بسبب تعارض بعض الأدلة، وعـدم بيان المرجح، فإذا كان هناك ما يوجب الموعظة وعظ وذكر بالآيات الزواجر، والأحاديث التي فيها الترغيب والترهيب، حتى ينتبه المدعو، ويرق قلبه، وينقاد للحق، فالمقام قد يحتاج فيه المدعو إلى موعظة وترغيب وترهيب على حسب حاله، وقد يكون مستعداً لقبول الحق، فعند أقل تنبيه يقبل الحق، وتكفيه الحكمة، وقد يكون عنده بعض التمنع، وبعض الإعراض فيحتاج إلى وعظة وإلى توجيه وإلى ذكر آيات الزجر" (من أقوال الشيخ ابن باز في الدعوة ص/64).
ومما سبق يتبين أن الحكمة تأتي لمعان كثيرة:
1) ما تضمنه كتاب الله سبحانه وتعالى من الدعوة إلى الإيمان بالله وعبادته والتزام صراطه المستقيم، ودينه القويم ، فالآخذ بهذا قد أحكم أمره، وعرف طريقه، وبهذا فسر ابن جرير الطبري معنى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة} أي ما تضمنه هذا القرآن الكريم.
2) سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاءت الحكمة معطوفة على الكتاب كثيراً في القرآن كما قال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة} (آل عمران:164).
فالحكمة هنا هي بيان القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
3) الحكمة يعنى وضع الأمور في نصابها، والوصول إلى الأهداف المطلوبة بأيسر الطرق وأحسنها كما أمر الله باللين في الدعوة مع الجبابرة: {فقولا قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى} وبالشدة في مواطنها كما قال تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير}.. وبالعفو واللين في مواطنه {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
والخلاصة أن الحكمة وصف جامع للعلم النافع الذي يمكن صاحبه من وضع كل أمر في نصابه، مما ييسر له الوصول إلى أفضل النتائج بأيسر السبل
الداعي إلى الله

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments



Top