أدخل كلمة للبحث

  • تسجيل الدخول
  • الفهرس
  • القرآن الكريم
  • أمثلة و حكم
  • اتصل
  • الجمعة 25, أبريل 2025








بلاغ عام

حصريا بالموقع

    • اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة

      اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.توطئة: أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله. 1 – القوة الإدراكية في الإنسان: بادئ ذي بدء، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة، وما لم يبحث عن سر وجوده، وعن غاية وجوده، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته، هناك حاجات سفلى، وحاجات دنيا، وهناك حاجات عليا مقدسة. فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة، والذي يتعرف إلى سر وجوده، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته، ويحقق وجوده في الأرض. 2 – أصلُ الدين معرفةُ الله: النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض، المسافة كبيرة جداً، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ))[رواه الدارمي في سننه] والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل: (( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء))[ورد في الأثر] أيها الإخوة الكرام، لو أن طفلاً صغيراً قال: معي مبلغ عظيم، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى: أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب، فإنك تقدره مئتي مليار، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم، فإذا قال خالق السماوات والأرض: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾( سورة النساء ) 3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم: لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل. بالمناسبة، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ. 4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر: أيها الإخوة الكرام، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله، وتتعرف إلى أمره ونهيه، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، بينما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر. كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى، الصحابة الكرام قلة، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا، لأنهم عرفوا الله، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإننا لسنا ممكَّنين، والله عز وجل يقول: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55) ﴾( سورة النور) نحن كما في الآية الكريمة، وهذا هو الواقع المرّ، نحن لسنا مستخلَفين، ولسنا ممكَّنين، ولسنا آمنين، والكرة في ملعبنا، لأنه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ﴾( سورة مريم) إذاً: الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله، وطبقوا منهجه، فاستحقوا وعود الله عز وجل، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين. على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً، قال بعض العلماء: هناك علم بخلقه، يعني عندنا واقع، والعلم وصف ما هو كائن، هناك ظواهر فلكية، علم الفلك، ظواهر فيزيائية، علم الفيزياء ظواهر كيميائية، علم الكيمياء، ظواهر نفسية علم نفس، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع، فالعلم مختص بما هو كائن، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين، تطابق الواقع، عليها دليل، هذا هو العلم. 5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة: لكن هناك شيء آخر، هناك علم بأمره، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم، والطب، والهندسة، والصيدلة، وما إلى ذلك، هذا علم بخلقه، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا، أما العلم بأمره فأصل في العبادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات )العبادة:1 – تعريف العبادة:س والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.2 – الكليات الثلاث في العبادة: هذا التعريف فيه كليات ثلاث، فيه كلية معرفية، وكلية سلوكية، وكلية جمالية:الكلية السلوكية هي الأصل، وما لم يستقم المسلم على أمر الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً، هذه الكلية السلوكية. المؤمن ملتزم، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل، المؤمن في حياته منظومة قيم، عنده فرض، عنده واجب، عنده سنة مؤكدة، سنة غير مؤكدة، مباح، مكروه تنزيهاً، مكروه تحريماً، حرام، العلم بأمره أصل في قبول العبادة.3 – العبادات شعائرية وتعاملية: بالمناسبة العبادة واسعة جداً، هناك عبادة شعائرية، وهناك عبادة تعاملية، العبادات الشعائرية منها الصلاة والصوم لا تصح، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال بعض العلماء: " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة:(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا ))[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]العلمُ بأمر الله ونهيه فرض عين: هناك علم بخلق الله، والمسلمون مدعوون إلى طلب هذا العلم، بل هو عليهم فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، وهو أصل في صلاح الدنيا، بينما العلم بأمره أن تعرف الحلال والحرام، أن تعرف أحكام التعامل التجاري، أحكام التعامل اليومي، هذه كلها من أحكام الفقه، ولا بد من أن يتعرف الإنسان إليها، لتأتي حركته في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل. إنك بالاستقامة تسلم، لأنك تطبق تعليمات الصانع، وما من جهة في الأرض أجدر من أن تتبع تعليماتها إلا الجهة الصانعة، لأنها الجهة الخبيرة وحدها: ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾( سورة فاطر الآية: 19 ) العلم بأمره فرض عين على كل مسلم، العلم بخَلقه فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، بينما العلم بأمره فرض عيني على كل مسلم، كيف تعبد الله ؟ من أجل أن تعبده لا بد من أن تعرف أمره ونهيه، فالعلم بخلقه من أجل صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، وعلم بأمره من أجل قبول العبادة.العلمُ بأمر الله يحتاج إلى دراسة، والعلم بالله يحتاج على مجاهدة: لكن بقي العلم به، العلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة، إلى مدرس، إلى كتاب، إلى وقت، إلى مطالعة، إلى مذاكرة، إلى مراجعة، إلى أداء امتحان، إلى نيل شهادة، ولكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة. أنت حينما تلتزم، وحينما تأتي حركتك في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل عندئذ يتفضل الله علينا جميعاً فيمنحنا وميضاً من معرفته جل جلاله، فلذلك العلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة، وعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة أيضاً والعلم بخلقه وبأمره أصل في صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، والثاني أصل في قبول العبادة، لكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة، فبقدر ما تضبط جوارحك، بقدر ما تضبط حركاتك وسكناتك، بقدر ما تضبط تطلعاتك وبيتك وعملك، بقدر ما يتفضل الله عليك بأن يمنحك شيئاً من معرفته.طرق معرفة الله تعالى: الحقيقة نحن أمام طرق ثلاثة سالكة:الطريق الأولى: النظرُ في الآيات الكونية: أول بند آياته الكونية، قال تعالى:﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) لذلك من أجل أن نعرف الله عز وجل لا بد من أن نتفكر في مخلوقاته، والآية واضحة جداً، وفيها إشارة دقيقة إلى أن المؤمن يتفكر في خلق السماوات والأرض تفكراً مستمراً، والفعل المضارع ( يتفكرون ) يدل على الاستمرار، فمن أجل أن أعرف الله ينبغي أن أتفكر في مخلوقاته. هذا الكون أيها الإخوة الكرام ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، وقد قيل: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي. أول شيء، هناك آيات كونية تحتاج إلى تفكر، الآيات الكونية نتفكر بها، وهذا طريق آمن، لأن كل ما في الكون يعد مظهراً لأسماء الله الحسنى، وهذا موضوع الدرس الأول. ترى في الكون رحمة، إذاً: الله رحيم، ترى في الكون حكمة، إذاً: الله حكيم، ترى في الكون قوة، الله قوي، ترى في الكون غنى الله غني، فكأن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، هذا طريق إلى معرفة الله. بالمناسبة في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون. أيها الإخوة الكرام، بربكم إن قرأت آية فيها أمر، تقتضي هذه الآية أن تأتمر، وإن قرأت آية فيها نهي، تقتضي هذه الآية أن تنتهي، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل الجنة تقتضي هذه الآية أن تسعى لدخول الجنة، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار تقتضي هذه الآية أن تتقي النار، ولو بشق تمرة، وإن قرأت قصة أقوام سابقين دمرهم الله عز وجل تقتضي هذه الآية أن نتعظ، وأن نبتعد عن كل عمل يفعله هؤلاء. الآن السؤال: وإذا قرأت آية فيها إشارة إلى الكون، إلى خلق الإنسان، ماذا تقتضي هذه الآية ؟ تقتضي هذه الآية أن تفكر في خلق السماوات والأرض. أيها الإخوة الكرام، ألف وثلاث مئة آية في القرآن الكريم تتحدث عن الكون، وخلق الإنسان، والآية مرة ثانية أرددها على مسامعكم: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) هذا طريق سالك إلى الله، وهو التفكر في خلق السماوات والأرض، وهو طريق سالك وآمن ومثمر.الطريق الثانية: النظرُ في أفعالِ الله تعالى: هناك طريق آخر، قال تعالى:﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) ﴾( سورة النحل ) الآن الطريق الثاني في معرفة الله: أن تنظر في أفعاله، الله عز وجل فعّال لما يريد، وأفعاله متعلقة بالحكمة المطلقة، وقد قال بعض العلماء: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وأراده الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق. بالمناسبة، هناك آيات كونية هي خَلقه، وهناك آيات تكوينية هي أفعالُه، وهناك آيات قرآنية كلامُه، إذاً: طريق معرفة الله التفكر في آياته الكونية خلقه، والنظر في آياته التكوينية أفعاله، ثم تدبر آياته القرآنية. ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتُك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـــما وليت عنا لغيرناو لــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتناولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحـبناولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً و اشتياقاً لقربنـــا***آية فيها سلامة الإنسان: أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أيها الإخوة الكرام: ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾( سورة الرعد الآية: 28 ) في القلب فراغ لا يملأه المال، ولا تملأه المتع، ولا تملأه القوة، نحن بحاجة إلى الإيمان، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾( سورة طه ) الإنسان مجبول على حب وجوده، وعلى جب سلامة وجوده، وعلى حب كمال وجوده، وعلى حب استمرار وجوده، سلامة وجوده أساسها تطبيق منهج الله، وكمال وجوده أسها القرب من الله عز وجل، واستمرار وجوده أساها تربية الأولاد كي يكون هذا الابن استمراراً لأبيه.أربع مساحات في الإسلام:1 ـ مساحة العقيدة:العقيدة أخطر المساحات الأربع: أيها الإخوة الكرام، إذا: يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات، المساحة الأولى: مساحة العقيدة، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة، لأنها إذا صحت صح العمل، وإذا فسدت فسد العمل. بالمناسبة، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة، تعرف سر الحياة الدنيا، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟ لذلك إذا شرد الإنسان عن الله، وتوهم أفكاراً معينة، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة، أن هذه الأفكار غير صحيحة، أما حينما يؤمن بالله، ويؤمن بمنهجه، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون، ولحقيقة الحياة الدنيا، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح. فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح، أما إذا كان منضبطاً، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة، فالخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر. لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة، فإن صحت صحّ العمل، وإن فسدت فسد العمل، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك. للتقريب: أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً، لذلك يجب أن تصح عقائدنا، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح، خرافة أحياناً، شيئا شاع بين الناس، فلابد من بحث في العقيدة، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله، لكن لأن الله عز وجل يقول:﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد ) لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً، قضية التقليد مرفوضة، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد )2 ـ مساحة العبادة:الأصل في العبادات المنعُ والحَظْرُ: المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات، والأصل في العبادات الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت، لأن العبادات قربات إلى الله، والله عز وجل يقول: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات ) والعبادة علة وجودنا، بل هي سر وجودنا، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً، ولها مفهومات واسعة. العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته، وفي كل أحواله، وفي كل شؤونه فلذلك، المساحة الثانية العبادات.لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية: أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))[ مسلم عن أبي هريرة ] هذه الصلاة. الصوم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة ] الحج:(( من حج بمال حرام، ووضع رجله في الركاب، وقال: لبيك اللهم لبيك ينادى أن: لا لبيك، ولا سعديك، وحجك مردود عليك ))[ ورد في الأثر ] الزكاة، قال تعالى: ﴿ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ {53} ﴾( سورة التوبة الآية: 53 ) شهادة أن لا إله لا الله:(( من قال: لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها ؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ] فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد، والمساحة الثانية مساحة العبادات.3 ـ مساحة المعاملات: والمساحة الثالثة مساحة المعاملات، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال: (( أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ))[ أحمد عن أم سلة ] إذاً: الإسلام مجموعة قيم أخلاقية، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ ))[ متفق عليه عن ابن عمر ] الإسلام بناء أخلاقي، والعبادات الخمس أركان الإسلام، لذلك قالوا: الإيمان هو الخَلق، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان. أول مساحة العقائد، الثانية العبادات، الثالثة المعاملات: ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام. والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا.4 ـ مساحة الأخلاق: المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق، ما لم يكن منصفاً، ما لم يكن متواضعاً، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين.خاتمة: أيها الإخوة الكرام، هذا تقديم وتمهيد لموضوع أسماء الله الحسنى، يقول الله عز وجل:﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) ﴾( سورة طه ) ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾( سورة الأعراف ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))[ متفق عليه ] وهاتان الآيتان وهذا الحديث نشرحهما إن شاء الله في درس قادم.والحمد لله رب العالمين

    • الصَّلاة

    • المصائب

بالصوت و الصورة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016
chalhaoui

الروح الجماعية




الروح الجماعية

 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1998-06-21


بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 أيها الأخوة الكرام: لازلت أحاول في درس الأحد أن أركز على الموضوعات التي تشتد الحاجة إليها، لأن الدين هو الحياة، فالدين إذا نظم الحياة ورفع مستوى المؤمنين وحل مشكلاتهم هذا منهج الله عز وجل، والنبي عليه الصلاة والسلام من دعائه الشريف: اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا أخرتنا التي إليها مردنا.
 أيها الأخوة الكرام: هناك ثلاث مصطلحات أحب أن أوضحها تمهيداً لموضوع الدرس، المصطلح الأول الطبع، والمصطلح الثاني الفطرة، والمصطلح الثالث التكليف، فأنت بين طبع وفطرة وتكليف، الطبع أقرب إلى الجسم والفطرة أقرب إلى النفس، والتكليف منهج الله عز وجل افعل ولا تفعل، وقد ضربت هذا المثل توضيحاً: إنسان نام الساعة الثانية ليلاً والفجر ثلاثة ونصف، طبعاً جسمه يميل إلى البقاء في الفراش، طبعاً هذا الجسم متعب منهك، يحتاج إلى راحة والفراش وثير وفي الشتاء الفراش دافئ وقد تكون الغرفة مكيفة، أصعب شيء على هذا الجسد أن ينهض من الفراش فطبعه يميل إلى النوم، ولكنه إذا بقي نائماً ولم يصلي الفجر تضيق نفسه وينقبض قلبه، فطرته تميل إلى طاعة الله وطبعه يميل إلى النوم وفطرته تميل إلى طاعة الله، فالذي يستيقظ ويكابد مشقةً الإيقاظ ويعاكس رغبة جسمه ويصلي الفجر ثم ينام يشعر براحة راحة الفطرة وتعب الجسم، والتكليف يقول لك استيقظ وصلي.
 قس على هذا إطلاق البصر، الجسم يميل إلى أن يستمتع بمفاتن المرأة والفطرة حينما تشعر أن الإنسان عصى الله عز وجل تضيق، فغض البصر يحتاج إلى مقاومة رغبة الجسم لكنه يريح الفطرة، الإنسان إذا غض بصره شعر أنه في طاعة الله، والتكليف قال تعالى:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾
( سورة النور )
 كذلك إنفاق المال، الإنسان في إنفاق المال يقاوم طبعه لكن يستجيب لفطرته والتكليف أنفق، قال تعالى:
﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)﴾
( سورة النساء )

 إذاً قبل أن أعالج موضوع اليوم، موضوع الروح الجماعية في المجتمع الإسلامي، لا بد من توضيح الطبع والفطرة والتكليف، فالطبع يتناقض مع التكليف والفطرة تتوافق مع التكليف.

 موضوعنا اليوم الروح الجماعية في المجتمع الإسلامي، الطبع فردي والتكليف جماعي، أنت مكلف أن تتعاون مع أخوك، مكلف أن تزور أخوك، مكلف أن تنصح أخوك، كل ما يمتن وحدة المسلمين، يمتن جماعتهم أنت مكلف به تكليفاً، أما الطبع أن تبقى وحدك، وأن تستمتع بالحياة وحدك فلذلك الله عز وجل في قرآنه الكريم والنبي عليه الصلاة والسلام في أحاديثه الصحيحة يأمرنا في التعاون والتناصح والتباذل والتزاور، والمجالسة وأن يتخذ أخ أخاً له في الله يمحضه النصح يعينه يعطيه، يقدم له شيئاً ثميناً.
 أما العلماء رأوا أن الروح الجماعية لها فضائل كبيرة جداً، أحد أكبر هذه الفضائل أن جلائل الأعمال لا تقوم إلا بالعمل الجماعي، العمل الفردي لا يحقق شيء أما العمل الجماعي يحقق كل شيء، المسلمون إذا أرادوا أن ينهضوا، إذا أرادوا أن يحلوا مشكلاتهم لا بد من التعاون لابد من عمل جماعي كبير، أما إذا كان انتماؤهم إلى فرديتهم شديداً، فهؤلاء الأفراد مهما حققوا نجاح فردي كبير هذا النجاح الفردي محدود ولا يفعل شيئاً، لذلك الله تعالى قال:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 أمر إلهي، ولا يخفى عنكم أن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، والفهم الساذج الضعيف المضحك أن الدين أن تصلي، والدين أن تصوم وأن تحج وأن تزكي، بينما القرآن ست مائة صفحة، إذا قرأت القرآن الكريم كل أمر في القرآن لكريم يقتضي الوجوب، تقريباً الدين مائة ألف أمر، الصلاة والصوم والحج والزكاة أربع أوامر وإعلان الشهادة خمسة، والذي يصوم ويحج ويزكي حقق من الدين خمسة من مائة ألف، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب قال تعالى:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾
( سورة النور )
﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)﴾
( سورة الأنعام )

 أنت كأب ابنتك شكت لك زوجها إن لم تستمع من زوجها فلست حكماً عدلاً، أمر إلهي فبينما نفهم الدين عبادات خمسة تؤدى شكلاً وبينما نفهم الدين منهج كامل، منهج فيه تفاصيل مذهلة، النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يقبل ابنه وله ولد آخر فقال له ألا قبلته مثله.

المنهج الإلهي يصل إلى مستوى أن تعدل بين أولادك بالقبل، والمنهج الإسلامي وصل إلى مستوى في علاقتك الحميمة مع زوجتك، يوجد حدود ويوجد أشياء محرمة، ويوجد أشياء مباحة.
 الدين منهج كامل وأخطر شيء في الدين أن يختصر إلى عبادات خمس صار الدين في واد والحياة في وادي آخر، وترى المسلمين لم يحققوا شيء لأنهم فهموا دينهم طقوس، فهموا دينهم عبادات شعائرية ولم يفهموه عبادات تعاملية، أكثر من مائتين حديث في كسب المال، وأكثر من مائتين حديث في العلاقات الاجتماعية، النبي الكريم ترك ثروة من السنة لا تقدر بثمن كلها توجيهات، من علاقتك مع جسمك، إلى علاقتك مع بناتك.
النبي أمر الإنسان إذا دخل على أمه أن يستأذنها، فقال له: أمي، فقال عليه الصلاة والسلام: أتحب أن تراها عريانة.
ينبغي أن تستأذن، يوجد منهج، إذا أردت أن تدخل على أمك ينبغي أن تستأذن، وإذا أردت أن تدخل على ابنتك وهي في غرفتها ينبغي أن تستأذن، أتحب أن تراها عريانة، ابنتك ولكن يوجد حدود.
 أكثر الأسر يقوم الشباب في ثياب متبذلة أمام أخواتهم البنات، والبنات كذلك، هذا خلاف الشرع لذلك قد تنشأ انحرافات بين الأخوة والأخوات بسبب مخالفة الشرع، أريد أن أركز على هذه الحقيقة وأنا لا أبالغ، المنهج الإسلامي مائة ألف بند، فالذي صام وصلى وحج وزكى وظن نفسه مسلم ومتدين ما فعل شيئاً، بكل علاقاتك وكل سكناتك.
معظم الأسر الدمشقية، يقول لك أسرتين عريقتين، تقيتين، صالحتين، يأتي العرس يجب أن يجلس العريس أمام مائتي امرأة متبذلة في ثيابها أين الدين ؟ كيف يسمح لهذا الشاب أن يرى كل هؤلاء النساء بأبهى زينة.
 نحن سبب تخلفنا أننا فصلنا الدين عن الحياة، أبقينا الدين في المسجد، أخوانا الكرام: دققوا في هذه الكلمة، المسجد تتلقى فيه التعليمات وتقبض فيه الثمن والعمل خارج المسجد فقط، تحضر مجلس علم افعل ولا تفعل تنطلق إلى عملك إلى سوقك، إلى دكانك، إلى عيادتك، إلى معملك تنفذ التعليمات في المعمل، وفي الدكان، وفي المتجر، الآن تأتي لتصلي في الصلاة تنعقد لك مع الله صلة سببها استقامتك على منهج الله، أما الفهم السقيم للدين أن فلان ديّن طبعاً لأنه يصلي، من قال لك ذلك، قال تعالى:
﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54﴾
( سورة التوبة )
 يمكن إنسان يصلي.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ "))
(( عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ لا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا وَلا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ "))

 أول نقطة ألح عليها كثيراً يجب أن تؤمن إيماناً عميقاً، أن الدين مثلاً مائة ألف بند، أنت كم بند طبقت منه، التقيت بامرأة أجنبية لا يجوز أن تصافحها هذا من الدين، جلست مع صديق لك ويوجد واحد ثالث لا ينبغي أن تنفرد معه في الحديث فإن هذا يحزنه، التقيت بأعمى ينبغي أن تسلم عليه لأن ترك السلام عليه خيانة.

 اقرأ الأحاديث يوجد مائة ألف بند في كل حركاتك وفي كل سكناتك وأنت وحدك في الحمام، وأنت مع أهلك، وأولادك، وأنت في نزهة وأنت في حفل، وفي التعزية، عندما يقول رجل والله جسر وانهدم هذا كفر، هذا الذي مات هو الذي يعين أسرة، لا هو معان بالأساس، والمعين هو الله، السنة إن لله ما أعطى وله ما أخذ، عظم الله أجركم وليس جسر وانهدم.
 وطن نفسك الإسلام منهج كامل، الإسلام مائة ألف بند في كل نشاطاتك أحدهم تلقى الركبان شراءه باطل، هذا الرجل يحمل التفاح ونازل إلى المدينة وتلقيته أنت وهو لا يعلم عن السعر، بنصف الطريق أوهمته أن السوق سعره رخيص ويوجد كساد.
لا تبع ما ليس عندك، افتح قسم البيوع ترى مائتان حديث، أربع أخماس بيوع الناس فيها انحراف.
أنا ألح على أن تنعتق من هذه الفكرة المضحكة أن الدين صلينا وصمنا وحجينا، لا، الدين منهج تفصيلي مؤلف من مائة ألف بند عليك أن تتابع هذه البنود واحداً واحداً، ومن أحد هذه البنود قال تعالى: 
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة امائدة )

 ترى مسلم يرتاد المساجد ويرتدي ثياب إسلامية مصحفه في جيبه، ومعطر عطر مشايخ، يستثمر ماله في ربح ثابت، أين دينك، هذا ربا أو أنه دفع مع رجل نصف ثمن بيت وأخذ أجرة ثابتة وضمنان المبلغ إلى بعد سنتين، وأنا لا أتحمل الخسارة إذا ارتفع ثمن البيت أو انخفض هذا ربا، ترى في التعامل اليومي يوجد ربا.

يملك بيت ويأجره وليس له علاقة ماذا يحدث به، وهو يأخذ أجرته في اليوم عشرة آلاف، معنى هذا هو ليس للنوم أنت تؤجره.
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )

 أنا أريد في هذا الدرس أن أوضح أن لا تفهم الدين خمسة بنود، أفهم الدين مائة ألف بند، يجب أن تطلب العلم وإلا تقع في الحرام شئت أم أبيت، يجب أن تطلب العلم من منابعه الصحيحة، تعرف الأحكام الشرعية.

يوجد عنده أولاد من زوجة وأولاد من زوجة مطلقة، كل عواطفه وكل خيراته لأولاد الزوجة التي معه، أما أولاد الزوجة المطلقة إهمال شديد أنت ارتكبت أكبر معصية وهي أنك ما عدلت بين أولادك.
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلامًا، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ: لا، قَالَ: فَارْجِعْهُ ))

 كم أسرة الآن في بلدنا البنت لا تعطى شيئاً لماذا ؟ لأن هذا المبلغ ذاهب إلى الصهر، تراه يخص الذكور في كل شيء ويحرم الإناث كل شيء وهو من رواد المساجد.

الإنسان يضر في الوصية فتجب له النار، لا أقول إن الله تخلى عنا، وكأنه تخلى عنا، كأن صلاتنا لا يرضى عنها، بالتعامل أحد أخوانا قاضي الله يجزيه الخير قال لي: يوجد ست مائة دعوى في قصر العدل كلها افتراء، هل هؤلاء مسلمون.
سيدنا عمر تولى منصب القضاء سنتين لم يرفع له أحد قضية، الآن ست آلاف دعوى إخلاء، مائة ألف دعوى احتيال، شيء غير معقول، فهؤلاء المسلمون الذين فهموا الإسلام عبادات شكلية، هؤلاء الذين تخلى الله عنهم وهؤلاء الذين لقوا الغي قال تعالى:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾
( سورة مريم )

 ولقد لقي ذلك الغي، ذكرت مرة مسبح مختلط أقيم فيه مولد بعيد الولد وجاء المنشدون والخطباء وتكلموا والمسبح مختلط، كيف توازن، كيف صاحب هذا المسبح متوازن، لا أدري.

يوجد مشكلات كبيرة جداً في كسب المال، في الأفراح، الأتراح، في السفر، في الصناعات الغذائية هدفنا الربح وصحة المسلمين ألا تغار على صحة المسلمين تضع هذه المواد المؤذية من أجل أن ترفع السعر.
أيها الأخوة الكرام: والله كلام من القلب يجب أن تطلب العلم، يجب أن تعرف الحكم الشرعي، يجب أن تعد الإسلام منهج تفصيلي كامل هذا المنهج يجب أن يؤخذ كله بحذافيره وإلا لا جدوى من أن تأخذ بعضه وتدع بعضه الآخر.
أول شيء في الروح الجماعية الأعمال العظيمة تحتاج إلى جماعة والدليل القرآني:
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)﴾
( سورة الفتح )

 متى كان محمد شديداً على الكفار ؟ والذين معه، فكل عمل فردي لا جدوى منه، كل عمل فردي لا يقدم ولا يؤخر، أما العمل الجماعي هو الذي ينهض بالأمة، إذاً العمل الجماعي مطلوب.

 مرة ذكرت لكم هذه القصة، لي صديق كان في هولندا قرأ في جريدة إعلان لوظيفة شهادة ثانوية فرضاً وخدمات معينة، البند الرابع هو أن يصلح للعمل ضمن فريق، من رقي الإنسان أن يعمل ضمن فريق، يتعاون ويكون هناك انسجام، يوجد شخص لا يحتمل أن يتلقى أمر من أحد هذا إنسان فردي النزعة، فردي النزعة وصمة عار في حق الإنسان، وكل إنسان يوجد عنده روح جماعية هذا رقي في حقه. بالمناسبة الإنسان في طبعه فردي وبالتكليف جماعي، أنت فردي بقدر تفلتك من منهج الله، وأنت جماعي بقدر طاعتك لله، فلذلك شيء جميل جداً أن يتعاون المؤمنون.
 سمعت قصة عن رجل والله أنا ما رأيته ولا عرفت اسمه، رجل تاجر بناء عمل شيء لا أحد فعله قبله، عمر ثلاث أبنية في قرية من قرى ريف دمشق ثلاث أبنية كبيرة وكل بناء ثلاثون شقة، ومنع بيعها وأجرها للشباب المؤمنين تأجير، كل شقة بألفين ليرة في الشهر تسعون شقة، كل شاب يعلم فيه الصلاح أجره، الناس لا يفعلون هذا يبيع بيع ويرتاح منها ويحقق بها أرباح طائلة، وهؤلاء الشباب الذين أمامهم الطرق مسدودة والبيت أساسي في الزواج، من لهم هؤلاء الشباب، هل أحد فكر أن نساعد هؤلاء الشباب بمشروع بناء، في عمل جماعي.
ترى الشيء المؤلم جداً أن أهل الدنيا البعيدين عن الشرع يتعاونون تعاون مذهل، ونحن الدين ونحن على حق واضح كالشمس ومع ذلك النزعة الفردية طاغية.
 أول نقطة من نقاط فوائد الجماعة أن الأعمال العظيمة لا تتم إلا بالروح الجماعية، أنا مرة قرأت إعلانين يمكن في مصر أحدهما أجري عقد قران لخمس مائة وخمسين شاباً في عقد واحد، أجروا مشروع بناء ضخم لخمس مائة وخمسين شقة توفير للنفقات.
يجب أن نفكر تفكير جماعي ونزوج الشباب، وإلا تتسع دوائر بيوت الدعارة، كلما سدت طرق النكاح فتحت طرق السفاح.
إذا جاءوكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه فإن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير.
الشيء الثاني، اثنين زائد اثنين أربعة، أما بالروح الجماعية اثنين زائد اثنين تساوي عشرة، لو جمعنا طاقتين جمع إفرادي المجموع ليس مجموعهما الحسابي، المجموع جداؤهما.
عندما يكون هناك تعاون هذه الطاقات تتعاون وتتضاعف فيما بينها، أما كل طاقة على حده
ضعيفة، حتى الأعمال التجارية إنسان معه مبلغ بسيط ليس له عمل إطلاقاً، إذا صار مشروع، يجتمع خمس أطباء ويعملون عيادة جماعية تعاونوا.
دخلت إلى عيادة في بلد أجنبي كل شيء فيها ليس يقال لك اذهب وحلل اذهب وصور، كله في بناء واحد، والتعاون في كل شيء مطلوب والتعاون جزء من ديننا، وجزء من أخلاقنا، وجزء من إسلامنا.
النقطة الثانية الأعمال العظيمة لا تكون إلا بالتعاون.
 النقطة الثالثة مجموع طاقات الأفراد بالتعاون تتضاعف، من دون تعاون لا قيمة لها، الإنسان بالنزعة الفردية، وإذا كان عنده نزعة فردية يوجد عنده ميل أن يحطم الآخرين، حتى يبقى بمفرده في الساحة فالنزعة الفردية خلق رذيل بالمعنى اللغوي، أما النزعة الجماعية فضيلة في الإنسان.
 فيا أيها الأخوة الكرام حاول أن تتعاون مع أخوانك، تتعاون بالعمل التجاري، تتعاون بالعمل العلمي، ما الذي يمنع أن يكون نوع من التعاون بين العلماء لا شيء يمنع، من صفات المخلصين التعاون، إذا إنسان متفوق باختصاص، وإنسان متفوق في اختصاص آخر سألناه وإنسان ثالث متفوق باختصاص ثالث سألناه، كل واحد باختصاصه مرجع فصار هناك تكامل، أما كل واحد ينفرد وحده بالعلم ويأبى أن يسأل أي جهة أخرى، أنا أدعو على التعاون على كل المستويات وفي كل المناشط.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ "))
عند هذه الآية وقفة جميلة جداً، لابد في الاعتصام من حبل نعتصم به، إذا لا يوجد شيء يجمعنا الاجتماع صار محالاً، قال تعالى:
﴿يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14﴾
( سورة الحشر )
 الاجتماع يحتاج إلى حبل، قال تعالى:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)﴾
( سورة آل عمران )
 لابد من منظومة قيم تجمعنا، لا بد من تاريخ يجمعنا، لابد من أهداف تجمعنا فإذا لم يكن هناك شيء موحد يجمعنا لن نجتمع والآية دقيقة جداً قال تعالى:
﴿يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14﴾
( سورة الحشر )

 التناصح وارد بين المؤمنين، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون ولو ابتعدت منازلهم، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ولو اقتربت منازلهم.

وحينما ندع النصيحة نقع في سخط الله عز وجل، الله عز وجل أراد إهلاك قرية، فقال الملائكة يا رب فيها رجل صالح قال: به فابدؤوا، قالوا: و لم، قال: لأنه لا يتمعر وجهه إذا رأى منكراً.
يوجد أشخاص ليس له علاقة، تأتيه ابنة أخيه بثياب فاضحة يرحب بها ويستقبلها ولا يلقي عليها أية نصيحة ولا يستنكر ثيابها، الإنسان عندما يدع التناصح يقع في سخط الله عز وجل.
وإذا كنا أمة كما وصفنا الله عز وجل بأننا خير أمة أخرجت للناس هذه الأمة علة خيريتها التناصح فإن تركت التناصح عادة الأمة كأي أمة لا قيمة لها.
((وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ))
(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلا يُسْتَشْهَدُ أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))

 ما الذي يصير، الأقوى يأخذ بيد الأضعف والأعلم يأخذ بيد الأقل علماً والأقرب إلى الله يأخذ بيد الأبعد، بالجماعة يوجد تعاون، إنسان جاء إلى الدرس، يرى أخ سابقه إلى الدرس يغار منه يتشجع، يرى أخ قد تفوق عليه بالعلم، تفوق عليه بالقرب إلى الله عز وجل، الله عز وجل أجرى على يديه أعمال صالحة كثيرة، فالجماعة تعمل حوافز وانضباط.

 مرة كنت في مطار من أضخم مطارات العالم يجب أن تسير على شريط متحرك لمسافة طويلة جداً وعلى الشريط حاجزان عن يمين وعن يسار، سبحان الله خطر في بالي أن هذا الشريط المتحرك مع الحاجزين يمثل الجماعة، فأنت إذا مشيت على هذا الطريق تصبح السرعة عالية، فإذا مشيت عليه السرعة تضاعفت، ولهذا الشريط حاجزان يمنعان من السقوط، فأنت مع الجماعة، وهي مسرعة إلى الله وتقي الزلل.
 أنت ضمن مجموعة، أما بمفردك تفتي بمفردك، أنا لست قنعان أنها معصية، تمارس المعصية ويوجد عندك قناعة أنك لم تفعل شيء، أما بالجماعة لك أخوان ينكرون عليك ذلك، تفضل تكلم أمام أخ ورع يقول لك هذا لا يجوز، فأنت مع الجماعة تقريباً في حصن، يوجد حواجز تمنعك من أن تسقط، ومع الجماعة يوجد سرعة.
 قديماً في الشام كان هناك حافلات كهربائية ويوجد لهذا الحي حافلة، فركاب الدراجات في الصعود صعبة جداً يضع يده على الحافلة فيسحبه إلى آخر الخط، أنا شبهت راكب الدراجة عندما وضع يده على هذه الحافلة ارتاح سحبته، والإنسان ضمن الجماعة ينسحب وينشد، تأتيه أحوال ليس منه بل من المجموع، يأتيه تألق من المجموع، الله قال سابقوا، هل يوجد سباق في الأرض من دون جماعة، هل سمعت إنسان أعلن عن سباق بمفرده، لا يوجد سباق في الأرض إلا جماعي سباق السيارات فيه عشرات السيارات، سباق الخيول فيه عشرات الخيول، سباق فردي لا يوجد، قال تعالى:
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)﴾
( سورة آل عمران )
 ما معنى هذا أي أنك ضمن جماعة، فضائل الجماعة كثيرة جداً تعطيك حصن، لا تزل قدمك، يوجد حماس، وروح عالية، زخم روحي ضمن الجماعة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالجماعة وهذه عليكم من ألفاظ الإغراء، أي الزموا الجماعة.
((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))

 من سعادة الإنسان أن يكون له أخوة مؤمنين، ذكرت اليوم قصة فقلت له: إذا رجل ضمن مائة صديق عنده هاتف وحده هذا الهاتف لا قيمة له لأنك بمفردك، أنا إذا عند المائة صديق هواتف، هاتفك له قيمة كبيرة جداً، كل هؤلاء الأصدقاء تحت تصرفك.

الإنسان إذا عاش ضمن جماعة مؤمنة الحياة جنة والله، البيع والشراء كله سهل، لا يوجد مطبات، أما عامة الناس، الناس متفلتين ترى كل إنسان لغم، كل إنسان مطب، كل إنسان يخيف، لذلك قال تعالى:
﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾
( سورة النور )

 أخ كان في السعودية، طبعاً مكة والمدينة السفور ممنوع، تعيش أسبوع أسبوعين لا يخطر ببالك خاطر نسائي لأنه يوجد انضباط، إذا كان هناك انضباط عام يوجد راحة نفسية عامة.

الحديث
((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))
الآن النبي عليه الصلاة والسلام وصف المؤمن بأنه مألف أي يألف ويؤلف، قال عليه الصلاة والسلام:
(( عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ مَأْلَفَةٌ وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ))
 المؤمن لين العريكة سمح، بشوش، يرحب بالآخرين، أي لبق يعرف متى ينبغي أن يسكت، متى ينبغي أن يتكلم، متى ينبغي أن ينسحب، متى ينبغي أن يبقى، متى ينبغي أن يتدخل، متى ينبغي أن لا يتدخل، عنده حكمة قال تعالى:
﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾
( سورة البقرة )
 المؤمن مألف و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف، و هناك حديث آخر عن روح الجماعة يقول عليه الصلاة و السلام:
(( عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ))

أحياناً شاب يتزوج، و الله أحياناً أشعر بسعادة لا توصف، حوله حوالي خمسين صديقاً، أربعة أو خمسة أخذوا له غسالة، أربعة خمسة سجادة، أربعة خمسة ثريا.

 بلغني عن بعض البلدان الإسلامية هناك عادة طيبة جداً، الذي يزمع الزواج يضع كل حاجاته بجهة معينة و كل إنسان يريد أن يهديه هدية يأتي إلى هذه الجهة، يريد براداً، هذه من حق البراد و إذا كان في بحبوحة هذا براد مني، لا تقدم هدية بالخطأ، كل شيء يقدم لطالب الزواج هذا ضمن خطة، يُكتب أن فلان هذه حاجاته، فكل صديق أحب أن يقدم له هدية يسأل هذا المرجع ما هي حاجاته ؟ إما أن يساهم بجزء منها أو بكلها بحيث أن كل الهدايا في مجموعها تلبي حاجات هذا الطالب، هذه هو التعاون و هو شيء جميل جداً:
((عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ))
 و هناك حديث آخر يقول عليه الصلاة و السلام:
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ "))
 وأقدم لكم هذه الحقيقة، لا تكون عند الله مؤمناً إن لم تحمل هموم المؤمنين.
(( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ))

 هذه الروح الجماعية تجعلك تأكل وتطعم، أيام قال لي أخ: الله أكرمني بسيارة، وله عديل لا يملك سيارة ولا يوجد أمل أن يخرج نزهة فقال لي كلما ذهبت نزهة أخذه معي نزهة.

تخلى عن شيء من راحته وخفف من أعباء ضغط الحياة عليه، فالإنسان يساهم في بيته وبإمكاناته بالروح الجماعية.
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى "))

 في الدرس يوجد نقطتين، الأولى وهي المنهج الإسلامي وأنا أقول رقم أطلقته غير دقيق، المنهج الإسلامي مائة ألف بند، فإذا أنت فقط صليت وصمت وزكيت... ما فعلت إلا خمسة من مائة ألف بند.

النقطة الثانية أحد أكبر هذه البنود قوله تعالى: 
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 البر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة، والإثم والعدوان، الإثم معصية فيما بينك وبين الله، والعدوان معصية فيما بينك وبين الخلق، وملخص الدرس هذه الآية:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 والأمثلة كثيرة جداً والله تعالى قال:
﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾
( سورة البقرة )

 كل إنسان يقدم شيء من جهده، يقول لي أخ أنا أتقن الكهرباء أي خدمة في المسجد أنا جاهز، هذا أدى الذي عليه، هذا اختصاصه كهرباء وهذا اختصاصه بلاط، سجاد، يقدم خدمة لبيت الله بالتعاون كل شيء يرقى وبعدم التعاون صارت الحياة عبء شديد، والآن الحياة قاسية.

أخوانا الأطباء ذكروا لي الآن يوجد اختصاص عصبي غدي مناعي يعني جهاز المناعة وهو أخطر جهاز بالإنسان والجهاز العصبي والجهاز الهرموني هذه الأجهزة الثلاث يوجد تواصل بينها، يعني الشدة العصبية تنتقل إلى جهاز المناعة وتنتقل إلى الغدد، يوجد تواصل بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي والجهاز الهرموني بحيث أن أي خلل بجهاز ينتقل إلى الجهاز الثاني، والآن أحدث اختصاص في الطب هو أن يبحثوا عن المرض من خلال الشدة النفسية وجهاز المناعة والجهاز الهرموني وهذه الغدد وإلا يوجد ظواهر كثيرة جداً لا تفهم إلا بهذا التفسير، الشدة النفسية ما هو سببها ؟ الحياة الفردية إنسان من أجل ثمن دواء يعمل قرض من مصرف، لا يوجد من يقرضه خمسون ليرة، أما هذه ضمن المؤمنين لا يوجد مشكلة كل شيء يحل ضمن المؤمنين.
 أيها الأخوة: العلم ما عمل به فقط، فإن لا يعمل به كان الجهل أولى، كلمة علم يعني شيء مطبق، شيء ممارس، شيء انقلب إلى واقع، أما أن تبقى المعلومات في الذهن رائعة ومتناسقة، ليس العلم في الإسلام هدف بذاته إطلاقاً، تعلموا ما شئتم فوالله لن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم.
 أيام أخين يتعاملون بعمل تجاري بإخلاص وإنصاف هذه من ثمار الإيمان، أما يوجد مقولة خبيثة جداً، لا تشاركه بتخسروا، ما هذا الدين الذي إذا شاركته تخسره هذا دين هش، عن بعد جيد أما عن مشاركة تخسره، المؤمن على المشاركة تتفانى في محبته لأنه منصف قال تعالى:
﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (23)﴾
( سورة ص )

 استنبط بعض العلماء من هذه الآية أن الذي يبغي على شريكه ليس مؤمناً، يجب أن تشارك أخيك، والعمل الجماعي عمل مجدي والعمل الفردي لا ينجح ولا سيما في هذا العصر بالذات عصر تكتلات.

 دول أوربا بينها حروب من مئات الأعوان يتعاونون لدرجة أنهم سوف يصبحون دولة واحدة، عملة ورقية واحدة، إلغاء الحدود والجمارك، كتلة كبيرة، لا حياة للأفراد لا بد من العمل الجماعي وإلا نؤكل واحداً واحداً، وترون بأعينكم كيف أعداءنا اليوم يستغلونا أبشع استغلال وينقضون علينا واحداً واحداً فلابد من التعاون ونحن في أمس الحاجة إلى التعاون على مستوى عالم عربي وعلى مستوى عالم إسلامي وعلى مستوى شرق، وأرجو الله تعالى أن بعض حقائق هذا الدرس بما فيه من نصوص دقيقة جداً أن ينقلب إلى واقع، وأحب أن يظهر هذا في الأعمال التجارية، والتعاون الوظيفي.
العمل الفردي يفتت الجماعة والفردية من لوازمها تحطيم الآخرين، الذي يملك نزعة فردية من لوازم فرديته أن يحطم الآخرين، النزعة الجماعية من لوازمها التعاون.
وكنت أقول دائماً هناك دعوة إلى الله مخلصة أساسها الإتباع والتعاون ودعوة إلى الله غير مخلصة أساسها التنافس.
والحمد لله رب العالمين
الروح الجماعية

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments



Top