![]()
حكم تارك الصلاة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن كثيراً من المسلمين اليوم تهاونوا بالصلاة، وأضاعوها حتى تركها
بعضهم تركاً مطلقاً تهاوناً، ولما كانت هذه المسألة من المسائل العظيمة
الكبرى التي ابتلى بها الناس اليوم، واختلف فيها علماء الأمة، وأئمتها،
قديماً وحديثاً أحببت أن اكتب فيها ما تيسر.
ويتلخص الكلام في فصلين:
الفصل الأول: في حكم تارك الصلاة.
لفصل الثاني: فيما يترتب على الردة بترك الصلاة أو غيرها.
نسأل الله تعالى لأن نكون فيها موفقين للصواب.
الفصل الأول: حكم تارك الصلاة
إن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى، وقد تنازع فيها أهل العلم
سلفاً وخلفاً، فقال الإمام أحمد بن حنبل: ( تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً
من الملة، يقتل إذا لم يتب ويصل ). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ( فاسق
ولا يكفر ). ثم اختلفوا فقال مالك والشافعي: ( يقتل حداً.. ). وقال أبو
حنيفة: ( يعزر ولا يقتل..).
وإذا كانت هذه المسألة من مسائل النزاع، فالواجب ردها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
أولاً: من الكتاب:
قال تعالى في سورة التوبة:
![]() ![]() ![]() ![]()
فوجه الدلالة من الآية الثانية، آية سورة مريم، أن الله قال: في المضيعين للصلاة، المتبعين للشهوات:
![]() ![]()
1- أن يتوبوا من الشرك.
2- أن يقيموا الصلاة.
3- أن يؤتوا الزكاة.
فإن تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا
بإخوة لنا. وإن أقاموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.
والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية، فلا تنتفي
بالفسوق والكفر دون الكفر.
ألا ترى إلى قوله تعالى: في آية القصاص من القتل:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
وبهذا علم أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، إذ لو كان فسقاً أو
كفراً دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به، كما لم تنتف بقتل المؤمن
وقتاله.
فإن قال قائل: ( هل ترون كفر تارك إيتاء الزكاة كما دل عليه مفهوم آية التوبة؟ )
قلنا: ( كفر تارك إيتاء الزكاة، قال به بعض أهل العلم - وهو إحدى
الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ). ولكن الراجح عندنا أنه لا
يكفر، لكنه يعاقب بعقوبة عظيمة، ذكرها الله تعالى في كتابه، وذكرها النبي
![]() ![]()
ثانياً: من السنة:
1- قال
![]() ![]()
2- وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله
![]()
والمراد بالكفر هنا، الكفر المخرج عن الملة، لأن النبي
![]()
3- وفي صحيح مسلم، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي
![]()
4- وفي صحيح مسلم أيضاً، من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه، أن النبي
![]()
ففي هذين الحديثين الأخيرين، دليل على منابذة الولاة، وقتالهم
بالسيف، إذا لم يقيموا الصلاة، ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم، إلا إذا
أتوا كفراً صريحاً، عندنا فيه برهان من الله تعالى، لقول عبادة بن الصامت
رضي الله عنه: دعانا رسول الله
![]() ![]()
ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن،
وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله، وثواب ذلك، وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع
معها أن يترك الصلاة، وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك
الصلاة، وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة، لأن أدلة كفر تارك
الصلاة خاصة والخاص مقدم على العام.
فإن قال قائل: ( ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك
الصلاة على من تركها جاحداً لوجوبها؟! ). قلنا: ( لا يجوز ذلك لأن فيه
محذورين:
الأول: إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به.
فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود. ورتب الأخوة
في الدين على إقام الصلاة، دون الإقرار بوجوبها لم يقل الله تعالى: فإن
تابوا وأقروا بوجوب الصلاة، ولم يقل النبي
![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
الثاني: اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطاً للحكم:
فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه
سواء صلى أم ترك. فلو صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من
شروط، وأركان، وواجبات، ومستحبات، لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه لكان
كافراً مع أنه لم يتركها.
فتبين بذلك أن حمل النصوص على من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها غير
صحيح، وأن الحق أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة، كما جاء ذلك
صريحاً فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه،
قال: أوصانا رسول الله
![]()
وأيضاً فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في
النصوص فائدة، فإن هذا الحكم عام، في الزكاة، والصيام، والحج، فمن ترك منها
واحداً جاحداً لوجوبه كفر إن كان غير معذور بجهل. وكما أن كفر تارك الصلاة
مقتضى الدليل السمعي الأثري، فهو مقتضى الدليل العقلي النظري.
فكيف يكون عند الشخص إيمان مع تركه للصلاة التي هو عمود الدين والتي
جاء من الترغيب في فعلها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يقوم بها ويبادر إلى
فعلها. وجاء من الوعيد على تركها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يحذر من تركها
وإضاعتها؟ فتركها مع قيام هذا المقتضى لا يبقى إيماناً مع التارك.
فإن قال قائل: ( ألا يحتمل أن يراد الكفر في تارك الصلاة كفر
بالنعمة لا كفر بالملة؟ أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر؟! ). فيكون
كقوله
![]()
قلنا: هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه:
الأول: أن النبي
![]()
الثاني: أن الصلاة ركن من أركان الإسلام، فوصف تاركها بالكفر يقتضي
أنه الكفر المخرج من الإسلام.. لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام، بخلاف
إطلاق الكفر على من فعل فعلاً من أفعال الكفر.
الثالث: أن هناك نصوصا أخرى دلت على كفر تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة.. فيجب حمل الكفر على ما دلت عليه لتتلاءم النصوص وتتفق.
الرابع: أن التعبير بالكفر مختلف.. ففي ترك الصلاة قال: { بين الرجل وبين الشرك والكفر }،
فعبر بأل الدالة على أن المراد بالكفر حقيقة الكفر بخلاف كلمة - كفر -
منكراً أو كلمة -كفر- بلفظ الفعل فإنه دال على أن هذا من الكفر، أو أنه كفر
في هذه الفعلة وليس هو الكفر المطلق المخرج عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) ص 70 ط السنة المحمدية على قوله
![]() ![]()
فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفراً مخرجاً من الملة
بمقتضى هذه الأدلة، كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل وهو أحد
قولي الشافعي كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
![]() ![]()
وعلى هذا القول جمهور الصحابة، بل حكى غير واحد إجماعهم عليه.
قال عبد الله بن شقيق: { كان أصحاب النبي
![]()
وقال إسحاق بن راهويه الإمام المعروف: ( صح عن النبي
![]() ![]()
وذكر ابن حزم، أنه قد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل
وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة قال: ( ولا نعلم لهؤلاء مخالفا من الصحابة.
نقله عنه المنذري في (الترغيب والترهيب) وزاد من الصحابة: عبد الله بن
مسعود وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبا الدرداء رضي الله عنهم ).
قال: ( ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن
المبارك والنخعي والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي،
وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وغيرهم ) أ. هـ.
فإن قال قائل: ما هو الجواب عن الأدلة التي استدل بها من لا يرى كفر تارك الصلاة؟
قلنا: الجواب أن هذه الأدلة لم يأت فيها أن تارك الصلاة لا يكفر، أو
أنه مؤمن أو أنه لا يدخل النار، أو أنه في الجنة. ونحو ذلك. ومن تأملها
وجدها لا تخرج عن خمسة أقسام كلها لا تعارض أدلة القائلين بأنه كفر.
القسم الأول: أحاديث ضعيفة غير صريحة حاول موردها أن يتعلق بها ولم يأت بطائل.
القسم الثاني: ما لا دليل فيه أصلاً للمسألة. مثل استدلال بعضهم، بقوله تعالى:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
القسم الثالث: عام مخصوص بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة. مثل قوله
![]()
القسم الرابع: عام مقيد بما لا يمكن معه ترك الصلاة. مثل قوله
![]() ![]()
فتقييد الإتيان بالشهادتين بإخلاص القصد، وصدق القلب، يمنعه من ترك
الصلاة، إذ ما من شخص يصدق في ذلك، ويخلص إلا حمله صدقه، وإخلاصه على فعل
الصلاة. ولا بد فإن الصلاة عمود الإسلام، وهي الصلة بين العبد وربه، فإذا
كان صادقا في ابتغاء وجه الله، فلا بد أن يفعل ما يوصله إلى ذلك، ويتجنب ما
يحول بينه وبينه، وكذلك من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
صدقاً من قلبه، فلا بد أن يحمله ذلك إلى الصدق على أداء الصلاة مخلصا بها
لله تعالى متبعاً فيها رسول الله
![]()
القسم الخامس: ما ورد مقيدا بحال يعذر فيها بترك الصلاة. كالحديث الذي رواه ابن ماجة عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله
![]()
فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار، كانوا معذورين بترك شرائع
الإسلام، لأنهم لا يدرون عنها، فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه،
وحالهم تشبه حال من ماتوا قبل فرض الشرائع، أو قبل أن يتمكنوا من فعلها،
كمن مات عقيب شهادته، قبل أن يتمكن من فعل الشرائع، أو أسلم في دار الكفر
فمات قبل أن يتمكن من العلم بالشرائع.
والحاصل أن ما استدل به من يرى كفر تارك الصلاة لا يقاوم ما استدل
به من يرى كفره، لأن ما استدل به أولئك، إما أن يكون ضعيفاً غير صريح وإما
ألا يكون فيه دلالة أصلاً، وإما أن يكون مقيداً بوصف لا يتأتى معه ترك
الصلاة، أو مقيدا بحال يعذر فيها بترك الصلاة، أو عاماً مخصوصاً بأدلة
تكفيره!.
فإذا تبين كفره بالدليل القائم السالم عن المعارض المقاوم، وجب أن
تترتب أحكام الكفر والردة عليه، ضرورة أن الحكم يدور مع علته وجوداً
وعدماً.
الفصل الثاني: فيما يترتب على الردة بترك الصلاة أو غيره
يترتب على الردة أحكام دنيوية وأخروية:
أولاً: من الأحكام الدنيوية:
1- سقوط ولايته: فلا يجوز أن يولى شيئاً يشترط في الولاية عليه
الإسلام، وعلى هذا فلا يولى على القاصرين من أولاده وغيرهم، ولا يزوج أحداً
من مولياته من بناته وغيرهن.
وقد صرح فقهاؤنا رحمهم الله تعالى في كتبهم المختصرة والمطولة: أنه
يشترط في الولي الإسلام إذا زوج مسلمة، وقالوا ( لا ولاية لكافر على مسلمة
). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا نكاح إلا بولي مرشد، وأعظم الرشد
وأعلاه دين الإسلام، وأسفه السفه وأدناه الكفر والردة عن الإسلام. قال الله
تعالى:
![]() ![]() ![]()
3- تحريم دخوله مكة وحرمهما: لقوله تعالى:
![]() ![]()
4- تحريم ما ذكاه من بهيمة الأنعام: (الإبل والبقر والغنم) وغيرها
مما يشترط لحله الزكاة. لأن من شروط الذكاة: أن يكون المذكي مسلماً أو
كتابياً (يهودياً أو نصرانياً)، فأما المرتد والوثني والمجوسي ونحوهم فلا
يحل ما ذكاه.
قال الخازن في تفسيره: ( أجمعوا على تحريم ذبائح المجوس وسائر أهل
الشرك من مشركي العرب وعبدة الأصنام ومن لا كتاب له ). وقال الإمام أحمد: (
لا أعلم أحداً قال بخلافه إلا أن يكون صاحب بدعة ).
5- تحريم الصلاة عليه بعد موته، وتحريم الدعاء له بالمغفرة والرحمة: لقوله تعالى:
![]() ![]() ![]() ![]()
ودعاء الإنسان بالمغفرة والرحمة لمن مات على الكفر بأي سبب كان كفره
اعتداء في الدعاء، ونوع من الاستهزاء بالله، وخروج عن سبيل النبي
والمؤمنين. وكيف يمكن لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدعو بالمغفرة
والرحمة لمن مات على الكفر وهو عدو لله تعالى؟! كما قال عز و جل:
![]() ![]()
والواجب على المؤمن أن يتبرأ من كل كافر. لقوله تعالى:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
ومن أوثق عرى الإيمان: أن تحب في الله، وتكره في الله، وتوالي في
الله، وتعادي في الله، لتكون في محبتك، وكراهيتك، وولايتك، وعداوتك، تابعا
لمرضاة الله عز وجل.
6- تحريم نكاحه المرأة المسلمة: لأنه كافر والكافر لا تحل له المرأة المسلمة بالنص والإجماع. قال الله تعالى:
![]() ![]()
قال في المغني 592/6: ( وسائر الكفار غير أهل الكتاب لا خلاف بين
أهل العلم في تحريم نسائهم، وذبائحهم) قال: والمرتدة يحرم نكاحها على أي
دين كانت، لأنه لم يثبت لها حكم أهل الدين الذي انتقلت إليه في إقرارها
عليه ففي حلها أولى ).
وقال في باب المرتد 130/8: ( وإن تزوج لم يصح تزوجه لأنه لا يقر على
النكاح، وما منع الإقرار على النكاح منع انعقاده كنكاح الكافر المسلمة )
[وفي مجمع الأنهر للحنفية آخر باب نكاح الكافر ص 202 ج1]: ( ولا يصح تزوج
المرتد ولا المرتدة أحداً ) لإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ).
فأنت ترى أنه صرح بتحريم نكاح المرتدة، وأن نكاح المرتد غير صحيح، فماذا يكون لو حصلت الردة بعد العقد؟!.
قال: في المغني 298/6: ( إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ
النكاح في الحال، ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كانت ردته بعد الدخول انفسخ
النكاح في الحال، ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كانت ردته بعد الدخول ففيه
روايتان: إحداهما: تتعجل الفرقة. والثاني تقف على انقضاء العدة ).
وفي المغني ص 639/6: ( أن انفساخ النكاح بالردة قبل الدخول قول عامة
أهل العلم، واستدل له وأن انفساخه في الحال إذا كان بعد الدخول قول مالك،
وأبي حنيفة وتوقفه على انقضاء العدة قول الشافعي ).
وهذا يقتضي أن الأئمة الأربعة متفقون على انفساخ النكاح بردة أحد
الزوجين. لكن إن كانت الردة قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وإن كانت
بعد الدخول فمذهب مالك وأبي حنيفة الانفساخ في الحال، ومذهب الشافعي،
الانتظار إلى انقضاء العدة. وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
وفي ص 640 منه: ( وإن ارتد الزوجان معاً، فحكمهما حكم ما لو ارتد
أحدهما إن كان قبل الدخول تعجلت الفرقة، وإن كان بعده فهل تتعجل أو تقف على
انقضاء العدة على روايتين؟ وهذا مذهب الشافعي ثم نقل عن أبي حنيفة أن
النكاح لا ينفسخ استحساناً، لأنه لم يختلف بهما الدين، فأشبه ما لو أسلماً،
ثم نقض صاحب المغني قياسه طرداً وعكساً ).
وإذا تبين أن نكاح المرتد لا يصح من مسلم سواء كان أنثى أم رجلاً،
وأن هذا مقتضى دلالة الكتاب والسنة، وتبين أن تارك الصلاة كافر. بمقتضى
دلالة الكتاب والسنة، وقول عامة الصحابة، تبين أن الرجل إذا كان لا يصلي
وتزوج امرأة مسلمة، فإن زواجه غير صحيح، ولا تحل له المرأة بهذا العقد،
وأنه إذا تاب إلى الله تعالى ورجع إلى الإسلام وجب عليه تجديد العقد. وكذلك
الحكم لو كانت المرأة هي التي لا تصلي.
وهذا بخلاف أنكحة الكفار حال كفرهم، مثل أن يتزوج كافر بكافرة، ثم
تسلم الزوجة فهذا إن كان إسلامها قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان إسلامها
بعده لم ينفسخ النكاح، ولكن ينتظر فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة، فهي
زوجته، وإن انقضت العدة قبل إسلامه فلا حق له فيها، لأنه تبين أن النكاح قد
انفسخ منذ أن أسلمت.
وقد كان الكفار في عهد النبي
![]() ![]()
وهذه المسألة ليست كمسألة المسلم الذي كفر بترك الصلاة، ثم تزوج
مسلمة فإن المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع، كما سبق ولو كان الكافر
أصليا غير مرتد، ولهذا لو تزوج كافر مسلمة فالنكاح باطل، ويجب التفريق
بينهما فلو أسلم وأراد أن يرجع إليها، لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد.
7- حكم أولاد تارك الصلاة من مسلمة تزوج بها: فأما بالنسبة للأم فهو
أولاد لها بكل حال. وأما بالنسبة للمتزوج فعلى قول من لا يرى كفر تارك
الصلاة فهو أولاده يلحقون به بكل حال لأن نكاحه صحيح. وأما على قول من يرى
كفر تارك الصلاة وهو الصواب على ما سبق تحقيقه في - الفصل الأول - فإننا
ننظر:
- فإن كان الزوج لا يعلم أن نكاحه باطل، أو لا يعتقد ذلك، فالأولاد
أولاده يلحقون به، لأن وطأه في هذه الحال مباح في اعتقاده، فيكون وطء شبهة
ووطء الشبهة يلحق به النسب.
- وإن كان الزوج يعلم أن نكاحه باطل ويعتقد ذلك، فإن أولاده لا
يلحقون به، لأنهم خلقوا من ماء من يرى أن جماعه محرم لوقوعه في امرأة لا
تحل له.
ثانياً: الأحكام الأخروية المترتبة على الردة:
1- أن الملائكة توبخه، وتقرعه، بل تضرب وجوههم وأدبارهم: قال الله تعالى:
![]() ![]()
2- أنه يحشر مع أهل الكفر والشرك لأنه منهم: قال الله تعالى:
![]() ![]()
3- الخلود في النار أبد الآبدين: لقوله تعالى:
![]() ![]()
وإلى هنا انتهى ما أردنا القول فيه في هذه المسألة العظيمة التي ابتلي بها كثير من الناس.
وباب التوبة مفتوح لمن أراد أن يتوب. فبادر أخي المسلم إلى التوبة
إلى الله عز وجل مخلصا لله تعالى، نادما على ما مضى، عازما على ألا تعود،
مكثراً من الطاعات.
![]() ![]()
أسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأن يهدينا جميعاً
صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين،
والشهداء، والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
|
حكم تارك الصلاة

- العنوان : حكم تارك الصلاة
- الكاتب :
- الوقت : 9:03 م
- القسم: الكل, مقالات دعوية
0 التعليقات:
إرسال تعليق