أدخل كلمة للبحث

  • تسجيل الدخول
  • الفهرس
  • القرآن الكريم
  • أمثلة و حكم
  • اتصل








بلاغ عام

حصريا بالموقع

بالصوت و الصورة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

الروح الجماعية




الروح الجماعية

 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1998-06-21


بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 أيها الأخوة الكرام: لازلت أحاول في درس الأحد أن أركز على الموضوعات التي تشتد الحاجة إليها، لأن الدين هو الحياة، فالدين إذا نظم الحياة ورفع مستوى المؤمنين وحل مشكلاتهم هذا منهج الله عز وجل، والنبي عليه الصلاة والسلام من دعائه الشريف: اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا أخرتنا التي إليها مردنا.
 أيها الأخوة الكرام: هناك ثلاث مصطلحات أحب أن أوضحها تمهيداً لموضوع الدرس، المصطلح الأول الطبع، والمصطلح الثاني الفطرة، والمصطلح الثالث التكليف، فأنت بين طبع وفطرة وتكليف، الطبع أقرب إلى الجسم والفطرة أقرب إلى النفس، والتكليف منهج الله عز وجل افعل ولا تفعل، وقد ضربت هذا المثل توضيحاً: إنسان نام الساعة الثانية ليلاً والفجر ثلاثة ونصف، طبعاً جسمه يميل إلى البقاء في الفراش، طبعاً هذا الجسم متعب منهك، يحتاج إلى راحة والفراش وثير وفي الشتاء الفراش دافئ وقد تكون الغرفة مكيفة، أصعب شيء على هذا الجسد أن ينهض من الفراش فطبعه يميل إلى النوم، ولكنه إذا بقي نائماً ولم يصلي الفجر تضيق نفسه وينقبض قلبه، فطرته تميل إلى طاعة الله وطبعه يميل إلى النوم وفطرته تميل إلى طاعة الله، فالذي يستيقظ ويكابد مشقةً الإيقاظ ويعاكس رغبة جسمه ويصلي الفجر ثم ينام يشعر براحة راحة الفطرة وتعب الجسم، والتكليف يقول لك استيقظ وصلي.
 قس على هذا إطلاق البصر، الجسم يميل إلى أن يستمتع بمفاتن المرأة والفطرة حينما تشعر أن الإنسان عصى الله عز وجل تضيق، فغض البصر يحتاج إلى مقاومة رغبة الجسم لكنه يريح الفطرة، الإنسان إذا غض بصره شعر أنه في طاعة الله، والتكليف قال تعالى:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾
( سورة النور )
 كذلك إنفاق المال، الإنسان في إنفاق المال يقاوم طبعه لكن يستجيب لفطرته والتكليف أنفق، قال تعالى:
﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)﴾
( سورة النساء )

 إذاً قبل أن أعالج موضوع اليوم، موضوع الروح الجماعية في المجتمع الإسلامي، لا بد من توضيح الطبع والفطرة والتكليف، فالطبع يتناقض مع التكليف والفطرة تتوافق مع التكليف.

 موضوعنا اليوم الروح الجماعية في المجتمع الإسلامي، الطبع فردي والتكليف جماعي، أنت مكلف أن تتعاون مع أخوك، مكلف أن تزور أخوك، مكلف أن تنصح أخوك، كل ما يمتن وحدة المسلمين، يمتن جماعتهم أنت مكلف به تكليفاً، أما الطبع أن تبقى وحدك، وأن تستمتع بالحياة وحدك فلذلك الله عز وجل في قرآنه الكريم والنبي عليه الصلاة والسلام في أحاديثه الصحيحة يأمرنا في التعاون والتناصح والتباذل والتزاور، والمجالسة وأن يتخذ أخ أخاً له في الله يمحضه النصح يعينه يعطيه، يقدم له شيئاً ثميناً.
 أما العلماء رأوا أن الروح الجماعية لها فضائل كبيرة جداً، أحد أكبر هذه الفضائل أن جلائل الأعمال لا تقوم إلا بالعمل الجماعي، العمل الفردي لا يحقق شيء أما العمل الجماعي يحقق كل شيء، المسلمون إذا أرادوا أن ينهضوا، إذا أرادوا أن يحلوا مشكلاتهم لا بد من التعاون لابد من عمل جماعي كبير، أما إذا كان انتماؤهم إلى فرديتهم شديداً، فهؤلاء الأفراد مهما حققوا نجاح فردي كبير هذا النجاح الفردي محدود ولا يفعل شيئاً، لذلك الله تعالى قال:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 أمر إلهي، ولا يخفى عنكم أن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، والفهم الساذج الضعيف المضحك أن الدين أن تصلي، والدين أن تصوم وأن تحج وأن تزكي، بينما القرآن ست مائة صفحة، إذا قرأت القرآن الكريم كل أمر في القرآن لكريم يقتضي الوجوب، تقريباً الدين مائة ألف أمر، الصلاة والصوم والحج والزكاة أربع أوامر وإعلان الشهادة خمسة، والذي يصوم ويحج ويزكي حقق من الدين خمسة من مائة ألف، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب قال تعالى:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾
( سورة النور )
﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)﴾
( سورة الأنعام )

 أنت كأب ابنتك شكت لك زوجها إن لم تستمع من زوجها فلست حكماً عدلاً، أمر إلهي فبينما نفهم الدين عبادات خمسة تؤدى شكلاً وبينما نفهم الدين منهج كامل، منهج فيه تفاصيل مذهلة، النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يقبل ابنه وله ولد آخر فقال له ألا قبلته مثله.

المنهج الإلهي يصل إلى مستوى أن تعدل بين أولادك بالقبل، والمنهج الإسلامي وصل إلى مستوى في علاقتك الحميمة مع زوجتك، يوجد حدود ويوجد أشياء محرمة، ويوجد أشياء مباحة.
 الدين منهج كامل وأخطر شيء في الدين أن يختصر إلى عبادات خمس صار الدين في واد والحياة في وادي آخر، وترى المسلمين لم يحققوا شيء لأنهم فهموا دينهم طقوس، فهموا دينهم عبادات شعائرية ولم يفهموه عبادات تعاملية، أكثر من مائتين حديث في كسب المال، وأكثر من مائتين حديث في العلاقات الاجتماعية، النبي الكريم ترك ثروة من السنة لا تقدر بثمن كلها توجيهات، من علاقتك مع جسمك، إلى علاقتك مع بناتك.
النبي أمر الإنسان إذا دخل على أمه أن يستأذنها، فقال له: أمي، فقال عليه الصلاة والسلام: أتحب أن تراها عريانة.
ينبغي أن تستأذن، يوجد منهج، إذا أردت أن تدخل على أمك ينبغي أن تستأذن، وإذا أردت أن تدخل على ابنتك وهي في غرفتها ينبغي أن تستأذن، أتحب أن تراها عريانة، ابنتك ولكن يوجد حدود.
 أكثر الأسر يقوم الشباب في ثياب متبذلة أمام أخواتهم البنات، والبنات كذلك، هذا خلاف الشرع لذلك قد تنشأ انحرافات بين الأخوة والأخوات بسبب مخالفة الشرع، أريد أن أركز على هذه الحقيقة وأنا لا أبالغ، المنهج الإسلامي مائة ألف بند، فالذي صام وصلى وحج وزكى وظن نفسه مسلم ومتدين ما فعل شيئاً، بكل علاقاتك وكل سكناتك.
معظم الأسر الدمشقية، يقول لك أسرتين عريقتين، تقيتين، صالحتين، يأتي العرس يجب أن يجلس العريس أمام مائتي امرأة متبذلة في ثيابها أين الدين ؟ كيف يسمح لهذا الشاب أن يرى كل هؤلاء النساء بأبهى زينة.
 نحن سبب تخلفنا أننا فصلنا الدين عن الحياة، أبقينا الدين في المسجد، أخوانا الكرام: دققوا في هذه الكلمة، المسجد تتلقى فيه التعليمات وتقبض فيه الثمن والعمل خارج المسجد فقط، تحضر مجلس علم افعل ولا تفعل تنطلق إلى عملك إلى سوقك، إلى دكانك، إلى عيادتك، إلى معملك تنفذ التعليمات في المعمل، وفي الدكان، وفي المتجر، الآن تأتي لتصلي في الصلاة تنعقد لك مع الله صلة سببها استقامتك على منهج الله، أما الفهم السقيم للدين أن فلان ديّن طبعاً لأنه يصلي، من قال لك ذلك، قال تعالى:
﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54﴾
( سورة التوبة )
 يمكن إنسان يصلي.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ "))
(( عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ لا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا وَلا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ "))

 أول نقطة ألح عليها كثيراً يجب أن تؤمن إيماناً عميقاً، أن الدين مثلاً مائة ألف بند، أنت كم بند طبقت منه، التقيت بامرأة أجنبية لا يجوز أن تصافحها هذا من الدين، جلست مع صديق لك ويوجد واحد ثالث لا ينبغي أن تنفرد معه في الحديث فإن هذا يحزنه، التقيت بأعمى ينبغي أن تسلم عليه لأن ترك السلام عليه خيانة.

 اقرأ الأحاديث يوجد مائة ألف بند في كل حركاتك وفي كل سكناتك وأنت وحدك في الحمام، وأنت مع أهلك، وأولادك، وأنت في نزهة وأنت في حفل، وفي التعزية، عندما يقول رجل والله جسر وانهدم هذا كفر، هذا الذي مات هو الذي يعين أسرة، لا هو معان بالأساس، والمعين هو الله، السنة إن لله ما أعطى وله ما أخذ، عظم الله أجركم وليس جسر وانهدم.
 وطن نفسك الإسلام منهج كامل، الإسلام مائة ألف بند في كل نشاطاتك أحدهم تلقى الركبان شراءه باطل، هذا الرجل يحمل التفاح ونازل إلى المدينة وتلقيته أنت وهو لا يعلم عن السعر، بنصف الطريق أوهمته أن السوق سعره رخيص ويوجد كساد.
لا تبع ما ليس عندك، افتح قسم البيوع ترى مائتان حديث، أربع أخماس بيوع الناس فيها انحراف.
أنا ألح على أن تنعتق من هذه الفكرة المضحكة أن الدين صلينا وصمنا وحجينا، لا، الدين منهج تفصيلي مؤلف من مائة ألف بند عليك أن تتابع هذه البنود واحداً واحداً، ومن أحد هذه البنود قال تعالى: 
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة امائدة )

 ترى مسلم يرتاد المساجد ويرتدي ثياب إسلامية مصحفه في جيبه، ومعطر عطر مشايخ، يستثمر ماله في ربح ثابت، أين دينك، هذا ربا أو أنه دفع مع رجل نصف ثمن بيت وأخذ أجرة ثابتة وضمنان المبلغ إلى بعد سنتين، وأنا لا أتحمل الخسارة إذا ارتفع ثمن البيت أو انخفض هذا ربا، ترى في التعامل اليومي يوجد ربا.

يملك بيت ويأجره وليس له علاقة ماذا يحدث به، وهو يأخذ أجرته في اليوم عشرة آلاف، معنى هذا هو ليس للنوم أنت تؤجره.
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )

 أنا أريد في هذا الدرس أن أوضح أن لا تفهم الدين خمسة بنود، أفهم الدين مائة ألف بند، يجب أن تطلب العلم وإلا تقع في الحرام شئت أم أبيت، يجب أن تطلب العلم من منابعه الصحيحة، تعرف الأحكام الشرعية.

يوجد عنده أولاد من زوجة وأولاد من زوجة مطلقة، كل عواطفه وكل خيراته لأولاد الزوجة التي معه، أما أولاد الزوجة المطلقة إهمال شديد أنت ارتكبت أكبر معصية وهي أنك ما عدلت بين أولادك.
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلامًا، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ: لا، قَالَ: فَارْجِعْهُ ))

 كم أسرة الآن في بلدنا البنت لا تعطى شيئاً لماذا ؟ لأن هذا المبلغ ذاهب إلى الصهر، تراه يخص الذكور في كل شيء ويحرم الإناث كل شيء وهو من رواد المساجد.

الإنسان يضر في الوصية فتجب له النار، لا أقول إن الله تخلى عنا، وكأنه تخلى عنا، كأن صلاتنا لا يرضى عنها، بالتعامل أحد أخوانا قاضي الله يجزيه الخير قال لي: يوجد ست مائة دعوى في قصر العدل كلها افتراء، هل هؤلاء مسلمون.
سيدنا عمر تولى منصب القضاء سنتين لم يرفع له أحد قضية، الآن ست آلاف دعوى إخلاء، مائة ألف دعوى احتيال، شيء غير معقول، فهؤلاء المسلمون الذين فهموا الإسلام عبادات شكلية، هؤلاء الذين تخلى الله عنهم وهؤلاء الذين لقوا الغي قال تعالى:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾
( سورة مريم )

 ولقد لقي ذلك الغي، ذكرت مرة مسبح مختلط أقيم فيه مولد بعيد الولد وجاء المنشدون والخطباء وتكلموا والمسبح مختلط، كيف توازن، كيف صاحب هذا المسبح متوازن، لا أدري.

يوجد مشكلات كبيرة جداً في كسب المال، في الأفراح، الأتراح، في السفر، في الصناعات الغذائية هدفنا الربح وصحة المسلمين ألا تغار على صحة المسلمين تضع هذه المواد المؤذية من أجل أن ترفع السعر.
أيها الأخوة الكرام: والله كلام من القلب يجب أن تطلب العلم، يجب أن تعرف الحكم الشرعي، يجب أن تعد الإسلام منهج تفصيلي كامل هذا المنهج يجب أن يؤخذ كله بحذافيره وإلا لا جدوى من أن تأخذ بعضه وتدع بعضه الآخر.
أول شيء في الروح الجماعية الأعمال العظيمة تحتاج إلى جماعة والدليل القرآني:
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)﴾
( سورة الفتح )

 متى كان محمد شديداً على الكفار ؟ والذين معه، فكل عمل فردي لا جدوى منه، كل عمل فردي لا يقدم ولا يؤخر، أما العمل الجماعي هو الذي ينهض بالأمة، إذاً العمل الجماعي مطلوب.

 مرة ذكرت لكم هذه القصة، لي صديق كان في هولندا قرأ في جريدة إعلان لوظيفة شهادة ثانوية فرضاً وخدمات معينة، البند الرابع هو أن يصلح للعمل ضمن فريق، من رقي الإنسان أن يعمل ضمن فريق، يتعاون ويكون هناك انسجام، يوجد شخص لا يحتمل أن يتلقى أمر من أحد هذا إنسان فردي النزعة، فردي النزعة وصمة عار في حق الإنسان، وكل إنسان يوجد عنده روح جماعية هذا رقي في حقه. بالمناسبة الإنسان في طبعه فردي وبالتكليف جماعي، أنت فردي بقدر تفلتك من منهج الله، وأنت جماعي بقدر طاعتك لله، فلذلك شيء جميل جداً أن يتعاون المؤمنون.
 سمعت قصة عن رجل والله أنا ما رأيته ولا عرفت اسمه، رجل تاجر بناء عمل شيء لا أحد فعله قبله، عمر ثلاث أبنية في قرية من قرى ريف دمشق ثلاث أبنية كبيرة وكل بناء ثلاثون شقة، ومنع بيعها وأجرها للشباب المؤمنين تأجير، كل شقة بألفين ليرة في الشهر تسعون شقة، كل شاب يعلم فيه الصلاح أجره، الناس لا يفعلون هذا يبيع بيع ويرتاح منها ويحقق بها أرباح طائلة، وهؤلاء الشباب الذين أمامهم الطرق مسدودة والبيت أساسي في الزواج، من لهم هؤلاء الشباب، هل أحد فكر أن نساعد هؤلاء الشباب بمشروع بناء، في عمل جماعي.
ترى الشيء المؤلم جداً أن أهل الدنيا البعيدين عن الشرع يتعاونون تعاون مذهل، ونحن الدين ونحن على حق واضح كالشمس ومع ذلك النزعة الفردية طاغية.
 أول نقطة من نقاط فوائد الجماعة أن الأعمال العظيمة لا تتم إلا بالروح الجماعية، أنا مرة قرأت إعلانين يمكن في مصر أحدهما أجري عقد قران لخمس مائة وخمسين شاباً في عقد واحد، أجروا مشروع بناء ضخم لخمس مائة وخمسين شقة توفير للنفقات.
يجب أن نفكر تفكير جماعي ونزوج الشباب، وإلا تتسع دوائر بيوت الدعارة، كلما سدت طرق النكاح فتحت طرق السفاح.
إذا جاءوكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه فإن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير.
الشيء الثاني، اثنين زائد اثنين أربعة، أما بالروح الجماعية اثنين زائد اثنين تساوي عشرة، لو جمعنا طاقتين جمع إفرادي المجموع ليس مجموعهما الحسابي، المجموع جداؤهما.
عندما يكون هناك تعاون هذه الطاقات تتعاون وتتضاعف فيما بينها، أما كل طاقة على حده
ضعيفة، حتى الأعمال التجارية إنسان معه مبلغ بسيط ليس له عمل إطلاقاً، إذا صار مشروع، يجتمع خمس أطباء ويعملون عيادة جماعية تعاونوا.
دخلت إلى عيادة في بلد أجنبي كل شيء فيها ليس يقال لك اذهب وحلل اذهب وصور، كله في بناء واحد، والتعاون في كل شيء مطلوب والتعاون جزء من ديننا، وجزء من أخلاقنا، وجزء من إسلامنا.
النقطة الثانية الأعمال العظيمة لا تكون إلا بالتعاون.
 النقطة الثالثة مجموع طاقات الأفراد بالتعاون تتضاعف، من دون تعاون لا قيمة لها، الإنسان بالنزعة الفردية، وإذا كان عنده نزعة فردية يوجد عنده ميل أن يحطم الآخرين، حتى يبقى بمفرده في الساحة فالنزعة الفردية خلق رذيل بالمعنى اللغوي، أما النزعة الجماعية فضيلة في الإنسان.
 فيا أيها الأخوة الكرام حاول أن تتعاون مع أخوانك، تتعاون بالعمل التجاري، تتعاون بالعمل العلمي، ما الذي يمنع أن يكون نوع من التعاون بين العلماء لا شيء يمنع، من صفات المخلصين التعاون، إذا إنسان متفوق باختصاص، وإنسان متفوق في اختصاص آخر سألناه وإنسان ثالث متفوق باختصاص ثالث سألناه، كل واحد باختصاصه مرجع فصار هناك تكامل، أما كل واحد ينفرد وحده بالعلم ويأبى أن يسأل أي جهة أخرى، أنا أدعو على التعاون على كل المستويات وفي كل المناشط.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ "))
عند هذه الآية وقفة جميلة جداً، لابد في الاعتصام من حبل نعتصم به، إذا لا يوجد شيء يجمعنا الاجتماع صار محالاً، قال تعالى:
﴿يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14﴾
( سورة الحشر )
 الاجتماع يحتاج إلى حبل، قال تعالى:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)﴾
( سورة آل عمران )
 لابد من منظومة قيم تجمعنا، لا بد من تاريخ يجمعنا، لابد من أهداف تجمعنا فإذا لم يكن هناك شيء موحد يجمعنا لن نجتمع والآية دقيقة جداً قال تعالى:
﴿يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14﴾
( سورة الحشر )

 التناصح وارد بين المؤمنين، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون ولو ابتعدت منازلهم، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ولو اقتربت منازلهم.

وحينما ندع النصيحة نقع في سخط الله عز وجل، الله عز وجل أراد إهلاك قرية، فقال الملائكة يا رب فيها رجل صالح قال: به فابدؤوا، قالوا: و لم، قال: لأنه لا يتمعر وجهه إذا رأى منكراً.
يوجد أشخاص ليس له علاقة، تأتيه ابنة أخيه بثياب فاضحة يرحب بها ويستقبلها ولا يلقي عليها أية نصيحة ولا يستنكر ثيابها، الإنسان عندما يدع التناصح يقع في سخط الله عز وجل.
وإذا كنا أمة كما وصفنا الله عز وجل بأننا خير أمة أخرجت للناس هذه الأمة علة خيريتها التناصح فإن تركت التناصح عادة الأمة كأي أمة لا قيمة لها.
((وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ))
(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلا يُسْتَشْهَدُ أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))

 ما الذي يصير، الأقوى يأخذ بيد الأضعف والأعلم يأخذ بيد الأقل علماً والأقرب إلى الله يأخذ بيد الأبعد، بالجماعة يوجد تعاون، إنسان جاء إلى الدرس، يرى أخ سابقه إلى الدرس يغار منه يتشجع، يرى أخ قد تفوق عليه بالعلم، تفوق عليه بالقرب إلى الله عز وجل، الله عز وجل أجرى على يديه أعمال صالحة كثيرة، فالجماعة تعمل حوافز وانضباط.

 مرة كنت في مطار من أضخم مطارات العالم يجب أن تسير على شريط متحرك لمسافة طويلة جداً وعلى الشريط حاجزان عن يمين وعن يسار، سبحان الله خطر في بالي أن هذا الشريط المتحرك مع الحاجزين يمثل الجماعة، فأنت إذا مشيت على هذا الطريق تصبح السرعة عالية، فإذا مشيت عليه السرعة تضاعفت، ولهذا الشريط حاجزان يمنعان من السقوط، فأنت مع الجماعة، وهي مسرعة إلى الله وتقي الزلل.
 أنت ضمن مجموعة، أما بمفردك تفتي بمفردك، أنا لست قنعان أنها معصية، تمارس المعصية ويوجد عندك قناعة أنك لم تفعل شيء، أما بالجماعة لك أخوان ينكرون عليك ذلك، تفضل تكلم أمام أخ ورع يقول لك هذا لا يجوز، فأنت مع الجماعة تقريباً في حصن، يوجد حواجز تمنعك من أن تسقط، ومع الجماعة يوجد سرعة.
 قديماً في الشام كان هناك حافلات كهربائية ويوجد لهذا الحي حافلة، فركاب الدراجات في الصعود صعبة جداً يضع يده على الحافلة فيسحبه إلى آخر الخط، أنا شبهت راكب الدراجة عندما وضع يده على هذه الحافلة ارتاح سحبته، والإنسان ضمن الجماعة ينسحب وينشد، تأتيه أحوال ليس منه بل من المجموع، يأتيه تألق من المجموع، الله قال سابقوا، هل يوجد سباق في الأرض من دون جماعة، هل سمعت إنسان أعلن عن سباق بمفرده، لا يوجد سباق في الأرض إلا جماعي سباق السيارات فيه عشرات السيارات، سباق الخيول فيه عشرات الخيول، سباق فردي لا يوجد، قال تعالى:
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)﴾
( سورة آل عمران )
 ما معنى هذا أي أنك ضمن جماعة، فضائل الجماعة كثيرة جداً تعطيك حصن، لا تزل قدمك، يوجد حماس، وروح عالية، زخم روحي ضمن الجماعة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالجماعة وهذه عليكم من ألفاظ الإغراء، أي الزموا الجماعة.
((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))

 من سعادة الإنسان أن يكون له أخوة مؤمنين، ذكرت اليوم قصة فقلت له: إذا رجل ضمن مائة صديق عنده هاتف وحده هذا الهاتف لا قيمة له لأنك بمفردك، أنا إذا عند المائة صديق هواتف، هاتفك له قيمة كبيرة جداً، كل هؤلاء الأصدقاء تحت تصرفك.

الإنسان إذا عاش ضمن جماعة مؤمنة الحياة جنة والله، البيع والشراء كله سهل، لا يوجد مطبات، أما عامة الناس، الناس متفلتين ترى كل إنسان لغم، كل إنسان مطب، كل إنسان يخيف، لذلك قال تعالى:
﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾
( سورة النور )

 أخ كان في السعودية، طبعاً مكة والمدينة السفور ممنوع، تعيش أسبوع أسبوعين لا يخطر ببالك خاطر نسائي لأنه يوجد انضباط، إذا كان هناك انضباط عام يوجد راحة نفسية عامة.

الحديث
((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ ))
الآن النبي عليه الصلاة والسلام وصف المؤمن بأنه مألف أي يألف ويؤلف، قال عليه الصلاة والسلام:
(( عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ مَأْلَفَةٌ وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ))
 المؤمن لين العريكة سمح، بشوش، يرحب بالآخرين، أي لبق يعرف متى ينبغي أن يسكت، متى ينبغي أن يتكلم، متى ينبغي أن ينسحب، متى ينبغي أن يبقى، متى ينبغي أن يتدخل، متى ينبغي أن لا يتدخل، عنده حكمة قال تعالى:
﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾
( سورة البقرة )
 المؤمن مألف و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف، و هناك حديث آخر عن روح الجماعة يقول عليه الصلاة و السلام:
(( عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ))

أحياناً شاب يتزوج، و الله أحياناً أشعر بسعادة لا توصف، حوله حوالي خمسين صديقاً، أربعة أو خمسة أخذوا له غسالة، أربعة خمسة سجادة، أربعة خمسة ثريا.

 بلغني عن بعض البلدان الإسلامية هناك عادة طيبة جداً، الذي يزمع الزواج يضع كل حاجاته بجهة معينة و كل إنسان يريد أن يهديه هدية يأتي إلى هذه الجهة، يريد براداً، هذه من حق البراد و إذا كان في بحبوحة هذا براد مني، لا تقدم هدية بالخطأ، كل شيء يقدم لطالب الزواج هذا ضمن خطة، يُكتب أن فلان هذه حاجاته، فكل صديق أحب أن يقدم له هدية يسأل هذا المرجع ما هي حاجاته ؟ إما أن يساهم بجزء منها أو بكلها بحيث أن كل الهدايا في مجموعها تلبي حاجات هذا الطالب، هذه هو التعاون و هو شيء جميل جداً:
((عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ))
 و هناك حديث آخر يقول عليه الصلاة و السلام:
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ "))
 وأقدم لكم هذه الحقيقة، لا تكون عند الله مؤمناً إن لم تحمل هموم المؤمنين.
(( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ))

 هذه الروح الجماعية تجعلك تأكل وتطعم، أيام قال لي أخ: الله أكرمني بسيارة، وله عديل لا يملك سيارة ولا يوجد أمل أن يخرج نزهة فقال لي كلما ذهبت نزهة أخذه معي نزهة.

تخلى عن شيء من راحته وخفف من أعباء ضغط الحياة عليه، فالإنسان يساهم في بيته وبإمكاناته بالروح الجماعية.
(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى "))

 في الدرس يوجد نقطتين، الأولى وهي المنهج الإسلامي وأنا أقول رقم أطلقته غير دقيق، المنهج الإسلامي مائة ألف بند، فإذا أنت فقط صليت وصمت وزكيت... ما فعلت إلا خمسة من مائة ألف بند.

النقطة الثانية أحد أكبر هذه البنود قوله تعالى: 
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 البر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة، والإثم والعدوان، الإثم معصية فيما بينك وبين الله، والعدوان معصية فيما بينك وبين الخلق، وملخص الدرس هذه الآية:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
( سورة المائدة )
 والأمثلة كثيرة جداً والله تعالى قال:
﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾
( سورة البقرة )

 كل إنسان يقدم شيء من جهده، يقول لي أخ أنا أتقن الكهرباء أي خدمة في المسجد أنا جاهز، هذا أدى الذي عليه، هذا اختصاصه كهرباء وهذا اختصاصه بلاط، سجاد، يقدم خدمة لبيت الله بالتعاون كل شيء يرقى وبعدم التعاون صارت الحياة عبء شديد، والآن الحياة قاسية.

أخوانا الأطباء ذكروا لي الآن يوجد اختصاص عصبي غدي مناعي يعني جهاز المناعة وهو أخطر جهاز بالإنسان والجهاز العصبي والجهاز الهرموني هذه الأجهزة الثلاث يوجد تواصل بينها، يعني الشدة العصبية تنتقل إلى جهاز المناعة وتنتقل إلى الغدد، يوجد تواصل بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي والجهاز الهرموني بحيث أن أي خلل بجهاز ينتقل إلى الجهاز الثاني، والآن أحدث اختصاص في الطب هو أن يبحثوا عن المرض من خلال الشدة النفسية وجهاز المناعة والجهاز الهرموني وهذه الغدد وإلا يوجد ظواهر كثيرة جداً لا تفهم إلا بهذا التفسير، الشدة النفسية ما هو سببها ؟ الحياة الفردية إنسان من أجل ثمن دواء يعمل قرض من مصرف، لا يوجد من يقرضه خمسون ليرة، أما هذه ضمن المؤمنين لا يوجد مشكلة كل شيء يحل ضمن المؤمنين.
 أيها الأخوة: العلم ما عمل به فقط، فإن لا يعمل به كان الجهل أولى، كلمة علم يعني شيء مطبق، شيء ممارس، شيء انقلب إلى واقع، أما أن تبقى المعلومات في الذهن رائعة ومتناسقة، ليس العلم في الإسلام هدف بذاته إطلاقاً، تعلموا ما شئتم فوالله لن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم.
 أيام أخين يتعاملون بعمل تجاري بإخلاص وإنصاف هذه من ثمار الإيمان، أما يوجد مقولة خبيثة جداً، لا تشاركه بتخسروا، ما هذا الدين الذي إذا شاركته تخسره هذا دين هش، عن بعد جيد أما عن مشاركة تخسره، المؤمن على المشاركة تتفانى في محبته لأنه منصف قال تعالى:
﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (23)﴾
( سورة ص )

 استنبط بعض العلماء من هذه الآية أن الذي يبغي على شريكه ليس مؤمناً، يجب أن تشارك أخيك، والعمل الجماعي عمل مجدي والعمل الفردي لا ينجح ولا سيما في هذا العصر بالذات عصر تكتلات.

 دول أوربا بينها حروب من مئات الأعوان يتعاونون لدرجة أنهم سوف يصبحون دولة واحدة، عملة ورقية واحدة، إلغاء الحدود والجمارك، كتلة كبيرة، لا حياة للأفراد لا بد من العمل الجماعي وإلا نؤكل واحداً واحداً، وترون بأعينكم كيف أعداءنا اليوم يستغلونا أبشع استغلال وينقضون علينا واحداً واحداً فلابد من التعاون ونحن في أمس الحاجة إلى التعاون على مستوى عالم عربي وعلى مستوى عالم إسلامي وعلى مستوى شرق، وأرجو الله تعالى أن بعض حقائق هذا الدرس بما فيه من نصوص دقيقة جداً أن ينقلب إلى واقع، وأحب أن يظهر هذا في الأعمال التجارية، والتعاون الوظيفي.
العمل الفردي يفتت الجماعة والفردية من لوازمها تحطيم الآخرين، الذي يملك نزعة فردية من لوازم فرديته أن يحطم الآخرين، النزعة الجماعية من لوازمها التعاون.
وكنت أقول دائماً هناك دعوة إلى الله مخلصة أساسها الإتباع والتعاون ودعوة إلى الله غير مخلصة أساسها التنافس.
والحمد لله رب العالمين
الروح الجماعية
رسالة أحدث
السابق
هذه اخر مشاركة.

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق



Top