أدخل كلمة للبحث

  • تسجيل الدخول
  • الفهرس
  • القرآن الكريم
  • أمثلة و حكم
  • اتصل








بلاغ عام

حصريا بالموقع

بالصوت و الصورة

الخميس، 23 فبراير 2017

الصَّلاة



 



الصَّلاة
 
الصَّلاةُ في اللُّغة: الدُّعاءُ، وشاهد ذلك قوله تعالى: {{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}} [التوبة: 103] ، أي: ادعُ لهم.
أمَّا في الشَّرع: فهي التعبُّدُ للَّهِ تعالى بأقوال وأفعال معلومة، مفتتَحة بالتَّكبير، مختتَمة بالتَّسليم.
وإن شئت فقل: هي عبادةٌ ذاتُ أقوال وأفعال، مفتتحة بالتَّكبير، مختتمة بالتَّسليم.
أمَّا قول بعض العلماء: «إنَّ الصَّلاة هي: أقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتَّكبير، مختتمة بالتَّسليم»[(1)]. فهذا فيه قصور، بل لا بُدَّ أن نقول: عبادةٌ ذات أقوال، أو نقول: التَّعبُّدّ لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة، حتى يتبيَّن أنَّها من العبادات.
والصَّلاة مشروعة في جميع المِلَل، قال الله تعالى: {{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَّبِكِ واسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ *}} [آل عمران]، وذلك لأهمِّيتها، ولأنَّها صِلَةٌ بين الإنسان وربِّه عزّ وجل.
وقد فرضها الله سبحانه وتعالى على هذه الأمَّة على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم ليلة عُرِجَ به بدون واسطة.
وتأمَّلْ كيف أخَّرَ اللَّهُ تعالى فريضتها إلى تلك الليلة إشادةً بها، وبياناً لأهمِّيتها لأنَّها:
أولاً: فرضت من الله عزّ وجل إلى رسوله بدون واسطة.
ثانياً: فُرضت في ليلة هي أفضلُ الليالي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما نعلم.
ثالثاً: فُرضت في أعلى مكان يصلُ إليه البشر.
رابعاً: فُرضت خمسين صلاة، وهذا يدلُّ على محبَّة الله لها، وعنايته بها سبحانه وتعالى، لكن خُفِّفَت فجُعِلت خمساً بالفعل وخمسين في الميزان، فكأنَّما صلَّى خمسين صلاة. وليس المراد تضعيف الحسنة بعشر أمثالها؛ لأنَّه لو كان المراد الحسنة بعشر أمثالها؛ لم يكن لها مزيَّة على غيرها من العبادات؛ إذ في كلِّ عبادة الحسنةُ بعشر أمثالها، لكن الظَّاهر أنَّه يُكتَبُ للإنسان أجرُ خمسين صلاة بالفعل، ويؤيِّده: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو إمامُ أمَّتِه ـ قَبِلَ فريضة الخمسين وَرَضِيَها، ثم خفَّفها اللَّهُ تعالى فكتب للأمَّة أجرَ ما قَبِلَه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم ورضيَه، وهو خمسون صلاة.
ويدلُّ لذلك: ما رواه البخاريُّ من حديث أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «فراجَعته ـ يعني: الله ـ فقال: هي خمس وهي خمسون»[(2)]، وفي رواية مسلم أنَّ الله قال: «يا محمد، إِنَّهنَّ خمس صلوات كلَّ يوم وليلة، لِكُلِّ صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة»[(3)]، وفي رواية النَّسائي: «فخمس بخمسين، فَقُمْ بها أنت وأمَّتُك»[(4)]، وهذا فضلٌ عظيم من الله عزّ وجل بالنِّسبة لهذه الأمَّة، ولا نجدُ عبادةً فُرضت يوميًّا في جميع العُمر إلاَّ الصَّلاة، فالزَّكاة حَوليَّةٌ، والصِّيام حَوْليٌّ، والحَجُّ عُمْريٌّ.

تَجبُ .............
قوله: «تجب» ، أي: الصَّلاة، والمراد بالوجوب هنا أعلى أنواع الوجوب وهو الفريضة. وهي في الدِّين في المرتبة الثانية بعد الشَّهادة بالتَّوحيد والرِّسالة، فالإسلام: شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله؛ وأنَّ محمَّداً رسول الله، وهذه واحدة، وإِنَّما صارت هاتان الجملتان واحدة؛ لأنَّ كلَّ عبادة لا بُدَّ فيها من إِخلاص تتضمَّنه شهادةُ أنْ لا إل
ه إلاَّ الله، ومتابعةٍ تتضمَّنه شهادةُ أنَّ محمَّداً رسول الله، فلهذا جعلهما النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم شيئاً واحداً. والمرتبة الثَّانية هي الصَّلاة، فهي من أعلى أنواع الفرض.
فقول المؤلِّف: «تجب»، قد يقول قائل: إنَّ فيه شيئاً من القُصُور؛ لأنَّك لو قلت عن كبيرة من الكبائر: تَحرمُ، لهوَّنْتَ من أمرها، فإذا قلت في مثل الصَّلاة: تجب، قد يقول قائل: إنَّ في هذا شيئاً من التَّهوين بأمرها؟ ولكنَّنا نقول: إنَّ المؤلِّف أراد أن يُبيِّن جنسَ حُكم هذه الصَّلوات، وأنَّها ليست من النَّوافل أو التَّطوعات، بل هي من جنس الواجب.
والدَّليل على وجوبها: كتاب الله، وسُنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين على ذلك إجماعاً قطعيًّا معلوماً بالضَّرورة من الدِّين.
أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}} [النساء: 103] . والشَّاهد: قوله: {{كِتَابًا}}، لأنَّ كتاباً بمعنى مكتوب، والمكتوب بمعنى المفروض، قال تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}} [البقرة: 183] ، أي: فُرِضَ.
ومن السُّنَّة: قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وقد بعثَ معاذاً إلى اليمن: «أعْلِمْهُمْ أنَّ الله افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كُلِّ يومٍ وليلةٍ»[(5)].
وأما الإجماع: فهو معلومٌ بالضَّرورة من الدِّين، ولهذا لم يُنكرْ أحدٌ من أهل القِبلة ـ ممَّن ينتسبون إلى الإسلام ـ فَرْضَهَا؛ حتى أهل البدع يقرُّون بفرضِهَا.

عَلَى كُلِّ مسلمٍ ..........
وقوله: «على كُلِّ مسلم» ، المسلم هو: الذي يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمَّداً رسول الله، ويقيمُ الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويصومُ رمضانَ، ويحجُّ البيتَ.
هذا هو المسلم الكامل الإسلام، ولكن المراد بالمسلم هنا: من يشهد أن لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله؛ لقول الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل: «إنك تأتي قوماً من أهلِ الكتاب، فادْعُهُمْ إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنِّي رسولُ الله، فإن هم أطاعُوا لذلك؛ فأعْلِمْهُم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات...». الحديث.
فتَجِبُ على هذا الذي شَهِدَ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسولُ الله، فالكافر لا تجب عليه، والمراد بنفي الوجوب على الكافر أنَّها لا تَلْزَمُهُ حال كفره، ولا يَلزَمُه قضاؤها بعد إسلامه.
والدَّليل على أنَّها لا تَلزَمُه حال كفره، قوله تعالى:
{{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ
 الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ *}} [التوبة] .فهذا دليلٌ على أنَّ الصَّلاة لا تُقبل منه، وإذا لم تُقبل منه فإِنَّها لا تصحُّ، وإذا لم تصحَّ لم تجب؛ لأنَّها لو وجبت وأتى بما يلزم فيها لصحَّت.
وأيضاً: رُبَّما نستدلُّ بحديث معاذ؛ لأنَّه لم يَذْكُرِ افتراضَ الصَّلاة عليهم إِلاَّ بعد الشَّهادتين.
إِذاً؛ الكافر لا تلزمه الصَّلاة؛ ولا يلزمه قضاؤها إذا أسلم؛ لقوله تعالى: {{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}} [الأنفال: 38] ، وقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «الإسلامُ يَهْدِمُ ما كان قبلَه»[(6)]، أو «يَجُبُّ ما قبله»[(7)]. ولم يُلزِمِ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الذين أسلموا بقضاء صلواتهم الماضية وقال: «أسلمتَ على ما أسلفتَ من خير»[(8)].
وثَمَّ دليل من النظر، وهو: أننا لو ألزمناه بقضَائِها بعد إسلامه؛ لكان في ذلك مشقَّة وتنفير عن الإسلام.
ولكن يُحَاسَب عليها في الآخرة، واستدلَّ العلماء لذلك بقوله تعالى: {{فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ الْمُجْرِمِينَ *مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ *قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *}} [المدثر] .
فإن قال قائل: مجرَّد تكذيبهم بيوم الدين يوجب أن يدخلوا النَّار؟.
فالجواب أن يُقال: لولا أنَّ لتركهم الصَّلاة وإِطعامِ المسكين وخوضِهم مع الخائضين تأثيراً في تعذيبهم؛ لكان ذكره من باب العبث.
وأمَّا من حيث النَّظرُ: فيقال: إذا كان المسلم يُعاقَب على ترك هذا الواجب، وهو أكرم عند الله ـ بلا شكٍّ ـ من هذا الكافر، فكيف لا يُعذَّب الكافر؟!.
فإن قلت: لا يُعذَّب الكافرُ؛ لأنَّه غير ملتزم بذلك؛ إذ هو كافر؟
فنقول: وإن لم يـلتـزم؛ لكـنَّـه مُلزم شـرعاً؛ لكونه عبداً لله، فكونه لا يـلتزم عنـاداً منه واستكباراً. بل أقول: إن الكافر يُحاسَب على كلِّ نعمة أنعمها الله عليه يوم القيامة.
ودليل ذلك من الأثر قوله تعالى: {{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}} [المائدة: 93] ، والذين لم يؤمنوا ولم يتَّقوا ولم يعملوا الصَّالحات عليهم جُناحٌ بالمفهوم، أي: مفهوم وصف ومعنى، وهو الإيمان والعمل، وقال الله تعالى: {{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}} [الأعراف: 32] ، أما هؤلاء الكفَّار فهي حرام عليهم ويُحاسَبون عليها، بخلاف المؤمنين، فهي حلال لهم في الدُّنيا، ولا يُحاسَبون عليها يوم القيامة.
فإن قلت: إذا كانت حراماً عليهم، فلماذا لا نمنعهم من الأكل والشُّرب؟
فالجواب على ذلك: أنَّ الله عزّ وجل يرزق العبادَ الحلالَ والحرامَ؛ لأنَّه تكفَّل بالرِّزق، قال اللَّهُ تعالى: {{وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}} [هود: 6] .
إذاً؛ صار الكافر في الدُّنيا أشدَّ محاسبة من المؤمن؛ لأنَّ الكافر يُحاسَب على الأكل، والشّرب، واللباس، وكلِّ نعمة.
أما النَّظر الذي يدلُّ على أنَّ الكافر يُعذَّب في الآخرة على ما استمتع به من نِعَمِ الله: فلأنَّ العقل يقتضي أنَّ من أحسن إليك فإنَّك تُقابله بالامتثال والطَّاعة إذا أمرك، ويرى العقلُ أنَّ من أقبح القبائح أن تُنابذَ من أحسن إليك بالاستكبار عن طاعته وتكذيب خبره، ولهذا قال الله عزّ وجل في الحديث القُدسي: «كَذَّبَني ابنُ آدم ولم يكن له ذلك، وشتَمني ولم يكن له ذلك»[(9)]. فإذا لم يكن ذلك حقاً له دلَّ على أنَّ عمله من أقبح القبائح أن يستمتع بنِعَمِ الله، ثمَّ يُنكر هذا الفضل بالاستكبار عن الطاعة، وتكذيب الخبر.

مُكَلَّفٍ ..............
قوله: «مُكلَّف» ، التَّكليف في اللُّغة: إلزامُ ما فيه مشقَّة، ولكن في الشَّرع ليس كذلك؛ لأنَّ الشَّرع ليس فيه مشقَّة، قال تعالى: {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}} [البقرة: 286] .
وهو في الشَّرع: إلزامُ مقتضى خطاب الشَّرع.
والتَّكليف يتضمَّن وصفين هما: البلوغ والعقل. فمعنى مكلَّف أي: بالغ عاقل، فغير البالغ وغير العاقل لا تلزمه الصَّلاة بالدَّليل الأثري والنَّظري.
أما الأثري: فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «رُفع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيق، وعن الصَّبيِّ حتى يبلُغ، وعن النَّائم حتى يستيقظ»[(10)].
وأما النَّظر: فلأنَّهما ليسا أهلاً للتَّكليف؛ إذ إنَّ قصدهم قَاصِرٌ مهما كان، ولهذا يختلف غير المكلَّف عن المكلَّف في بعض الأمور؛ فأُبيح للصَبيِّ من اللَّعب واللَّهو ما لم يُبَحْ لغيره، وَوُسِّعَ للصَّبيِّ في الواجبات ما لم يُوسَّع لغيره، حتَّى إنَّ الشَّيء الذي يكون جريمة في البالغ لا يكون جريمة في الصَّغير؛ لأن نظره قاصر، وكذا قصده، والمجنون من باب أولى، فالمجنون البالغ غير مكلَّف. والصَّغير العاقل غير مكلَّف.
فإن قلت: إذا لم يجب على الصَّبيِّ صلاة؛ أَفَلَيْسَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قد أوجبَ على الإنسان أن يأمرَ ابنه أو ابنته بالصَّلاة لسبعٍ، ويضربه عليها لعشر[(11)]؟ وهل يُضرَبُ الإنسان على شيء لا يجب عليه؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إِنَّما أُلزم الوالدُ بأمر أولاده وضربهم؛ لأنَّ هذا من تمام الرِّعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، والأب أهلٌ للمسؤولية. لا لأنَّ الصَّبيَّ تجب عليه الصَّلاة، ولذلك لا يلزمه قضاؤها لو تركها. ولو كان الصَّبيُّ له ستُّ سنوات؛ لكنَّه فَطِنٌ وذكيٌّ، فظاهر الحديث أنَّه لا يأمره؛ لأنَّ الشَّارع حدَّها بالسَّبع؛ لأنَّ الغالب أنه يكون بها التَّمييز، والنَّادر لا حكم له.
فإن قلنا: إنَّ التَّمييز ليس محدوداً بسنٍّ وإنَّما هو بالمعنى، وأنَّ التَّمييز هو: أن يفهم الخطاب، ويَرُدَّ الجواب، كما يدلُّ عليه الاشتقاق، فهل يجعل الحكم في أمره بالصَّلاة منوطاً به؛ ولو كان دون السَّبع أم لا؟ هذا محلُّ نظر، قد يُقال: إنَّنا نجعل الحكم منوطاً بالتَّمييز، وقد نقول: إنَّه منوط بالسَّبع كما جاء في السُّنَّة. والشَّارع أحكم منَّا، فيتقيَّد أمْرُه بالصَّلاة وضَرْبُه عليها بما جاءت به السُّنة.

لا حَائِضاً وَنُفَسَاءَ،............
قوله: «لا حائضاً ونُفساء» ، هكذا في النُّسخ بالنَّصب، ووجهه: أنها مفعول لفعل محذوف؛ والتقدير: لا تلزم حائضاً ونُفَسَاء، أي: لا تجب عليهما الصَّلاة بدليل أثريٍّ وإجماعيٍّ. قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في الحائض: «أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تَصُمْ»[(12)]. والنُّفساءُ كالحائضِ في ذلك بالإجماع، والعلماءُ مجمعون على أنَّ الحائضَ والنُّفساءَ لا تلزمهما الصَّلاة، ولا يلزمهما قضاء الصَّلاة.

ويَقْضي مَنْ زالَ عقْلُهُ بنومٍ ..........
قوله: «ويقضي مَنْ زالَ عقلُهُ بنومٍ» ، وعندي أنَّ في العبارة شيئاً من التَّساهل؛ لأنَّ النَّائمَ ليس زائلَ العقلِ بل مُغطًّى عقلُهُ، وفاقدٌ لإحساسه الظَّاهريِّ.
والمعنى: أنَّ النَّائمَ يقضي الصَّلاة، وهذا ثابتٌ بالنَّصِّ والإجماع[(13)].
أمَّا النَّصُّ: فهو قوليٌّ وفعليٌّ، فالقوليُّ: قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «من نسيَ صلاةً أو نَامَ عَنها، فكفَّارتُها أن يصلِّيَهَا إذا ذكرها»[(14)].
وأمَّا الفعليُّ: فلأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قضى صلاة الفجر حين نام عنها في السَّفر[(15)]. ولأنَّنا لو قلنا بعدم قضائها مع كثرة النَّوم لسقط منها كثير، ولكان ذلك مَدْعاة للتَّساهل بها في النَّوم عنها.
وأمَّا الإجماع: فقد نقله غيرُ واحد من أهل العلم.
وأفاد قوله: «ويقضي» أنَّ صلاة النَّائم ونحوه بعد خروج الوقت تُعتبر قضاءً، وذهب شيخُ الإسلام ابنُ تيمية إلى أنَّ كلَّ من صَلَّى بعد الوقت معذوراً فصلاتُه أداءً[(16)]، لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وقَّت للنَّائم الصَّلاة عند استيقاظه، والنَّاسي عند ذِكْرِه.

أَوْ إِغْمَاءٍ أو سُكْرٍ أَوْ نَحْوِهِ،...........
قوله: «أو إغماء» ، أي: يقضي من زال عقلُهُ بإغماءٍ، والإغماء: هو التَّطبيق على العقل، فلا يكون عنده إحساس إطلاقاً، فلو أَيْقَظْتَه لم يستيقظ.
فإذا أُغمي عليه وقتاً أو وقتين وجبَ عليه القضاء؛ لورود ذلك عن بعض الصَّحابة رضي الله عنهم كعمار بن ياسر[(17)]، وقياساً على النَّوم، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
والأئمةُ الثَّلاثةُ يَرَون عدم وجوب القضاء على المُغمى عليه[(18)]، لكنَّ أبا حنيفة رحمه الله يقول: إذا كانت خمس صلوات فأقلَّ فإنَّه يقضي[(19)]؛ لأنَّها سهلة ويسيرة، أمَّا إذا زادت على الخمس فلا يقضي، وكلامُ أبي حنيفة مبنيٌّ على شيء من العقل والرَّأي؛ فأخذ بعِلَّةِ مَنْ عَلَّل بالقضاء، وأخذ بسقوط الأمر للمشقَّة. ولكن لا شَكَّ أنَّ مثل هذا التَّقديرِ الدَّقيق يحتاج إلى دليل، وإلاَّ فهو تحكُّمٌ؛ فالإنسان الذي لا يَشُقُّ عليه خمسُ صلوات لا يَشُقُّ عليه ستُّ صلوات.
فإذا نظرنا إلى التَّعليل وجدنا أنَّ الرَّاجح قول من يقول: لا يقضي مطلقاً؛ لأنَّ قياسه على النَّائم ليس بصحيح، فالنَّائم يستيقظ إذا أُوقِظَ، وأمَّا المُغمى عليه فإنَّه لا يشعر.
وأيضاً: النَّوم كثير ومعتاد، فلو قلنا: إنَّه لا يقضي سقط عنه كثير من الفروض. لكن الإغماء قد يمضي على الإنسان طولُ عمره ولا يُغمى عليه، وقد يسقط من شيء عالٍ فيُغمى عليه، وقد يُصاب بمرضٍ فيُغمى عليه.
وأما قضاء عمَّار ـ إن صحَّ عنه ـ فإنَّه يُحمل على الاستحباب، أو التَّورُّعِ، وما أشبه ذلك[(20)].
قوله: «أو سُكْرٍ» ، أي: يقضي من زال عقله بسُكْر، فإذا كان آثماً بسُكْره فلا شكَّ في وجوب القضاء عليه؛ لأنَّه حصل باختياره، ولأنَّه غير مأذون له بذلك، ولأنَّنا لو أسقطنا عنه قضاء الصَّلاة، وهو من أهل شُرب الخمر، فإنَّه كلَّما أراد ألاَّ يُصلِّي شرب مسكراً، فحصل على جنايتين: على شرب المُسكر، وعلى ترك الصَّلاة.
وإن كان غير آثم بسُكْره كما لو شرب شراباً جاهلاً أنَّه مسكر، فإنَّه يقضي أيضاً؛ لأنَّ هذا حصل باختياره، لكن لا إثم عليه؛ لأنَّه جاهلٌ بكونه مُسْكراً.
وأما قياسه على المُغمى عليه ففيه نظر.
فإن قلت: «أليس الله يقول: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}} [النساء: 43] ، فكيف يُلزم بقضاء ما نُهي عن قِرْبَانه؟ فالجواب: أنَّه ليس في الآية نهي عن قِرْبان الصَّلاة مطلقاً؛ وإنَّما نُهي عن قِرْبَانها حال السُّكْرِ حتى يعلم السَّكران ما يقول، فإذا علم ما يقول لزمته الصَّلاة أداءً إن كان في وقتها، أو قضاءً إن كان بعد الوقت، ولهذا كان الأئمة الأربعة متَّفقين على أنَّ مَنْ زال عقلُهُ بسُكْرٍ فإنَّه يَقضي[(21)].
قوله: «أو نحوه» ، أي: نحو ما ذُكِرَ مثل البَنْج والدَّواء، وهذا محلُّ خِلاف[(22)]، فمن أهل العلم من قال: إن زالَ عقلُهُ بشيء مباح فلا قضاء عليه؛ لأنَّه معذور. والذي يترجَّحُ عندي: أنه إن زال عقلُهُ باختياره فعليه القضاء مطلقاً، وإن كان بغير اختياره فلا قضاء عليه.

ولا تصحُّ من مجنونٍ ولا كافرٍ، فإِنْ صلَّى فَمُسْلمٌ حُكْماً.
قوله: «ولا تصحُّ من مجنون ولا كافر» ، أي: لا تصحّ الصَّلاة من مجنون؛ لعدم القصد؛ لأنَّ المجنون لا قصد له، ومَنْ لا قصد له لا نيَّة له، ومَنْ لا نيَّة له، لا عمل له؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّات»[(23)]، ومثله من زال عقلُهُ ببِرْسَامٍ[(24)]، ومثله الهَرِم الذي لا يعقل.
وقوله: «ولا كافر»، أي: ولا تصحُّ الصَّلاة من كافر، سواءٌ أكان أصليًّا أم مرتدًّا، فلا تصحُّ الصَّلاة منهما.
والدَّليل قوله تعالى: {{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}} [التوبة: 54] ، مع أنَّ النَّفقات نفعُها مُتَعَدٍّ، فإذا كانت لا تُقبل منه؛ فالتي نفعُها غيرُ مُتَعَدٍّ لا تُقبلُ من باب أولى، ولأنَّه ليس من أهل العبادة حتَّى يُسْلِم؛ لحديث معاذ: «فليكنْ أوَّلَ ما تدعوهم إليه: شهادةُ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله، فإن هُمْ أجابوك لذلك، فأَعْلِمْهُم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات»[(25)].
قوله: «فإن صلَّى فمسلمٌ حُكْماً» ، أي: إذا صلَّى الكافر فإننا نحكم بإسلامه، ولكنَّه مسلم حُكْماً لا حقيقة؛ حتى وإن لم يَنْوِ الإسلامَ بما فعله.
وفائدتُه: أنَّنا إذا حكمنا بإسلامه طالبناه بلوازم الإسلام؛ فيَرثُ أقاربَه المسلمين ويرثونَه. وإن قال: «فعلتُه استهزاءً» فنعتبره مرتدًّا. والفرق بين كونه مرتدًّا وبين كفره الأصليِّ: أنَّ كُفْرَ الرِّدَّة لا يُقَرُّ عليه، بخلاف الكفر الأصليِّ فيُقَرُّ عليه، فالكافر بالرِّدَّة يُطَالَبُ بالإسلام؛ فإن أسلم وإلاَّ قتلناه.

وَيُؤْمَرُ بها صغيرٌ لِسْبعٍ، ويُضْرَبُ عليها لعشْرٍ، فإِنْ بَلَغَ في أَثْنَائِها، أَوْ بَعْدَهَا في وقتِها أَعَادَ.
قوله: «وَيُؤْمَرُ بها صغيرٌ» ، يُؤمر: مبنيٌّ للمجهول؛ لأنَّ الأمرَ لا يتعيَّن، فكلُّ من له الإمْرَةُ على هذا الصَّبيِّ فإنَّه يأمره بالصَّلاة كالأب، والأخ، والعمِّ، والأمِّ.
قوله: «لِسَبْعٍ» ، أي: لتمامها لا لبلوغها، فلا يُؤْمَرُ إلا إذا دخل الثامنةَ؛ وإذا كنَّا نأمره بالصَّلاة فإنَّنا نأمره بلوازم الصَّلاة من الطَّهارة؛ وغيرها من الواجبات، ويستلزم تعليمَه ذلك.
قوله: «ويُضْرَبُ عليها لعَشرٍ» ، أي: على الصَّلاة، «لعشرٍ» أي: لتمام عشرٍ ليفعلها، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتَّرك، فنضربه حتى يصلِّي، في كلِّ وقت، والضَّرب باليد أو الثوب أو العصا، أو غير ذلك، ويُشْتَرطُ فيه ألاَّ يكون ضرباً مُبرِّحاً؛ لأنَّ المقصود تأديبُه لا تعذيبُه.
قوله: «فإن بَلَغَ في أثنائها، أو بَعْدَها في وَقْتِها أعادَ» ، أي: إذا بلغ الصَّغيرُ في أثناء الصَّلاة، أو بعد انتهائها، لكن في وقتها أعاد الصَّلاة، ويحصُلُ هذا إذا حرَّرنا ولادته بالسَّاعة، والسَّاعاتُ موجودةٌ في عَصْرِ مَنْ مضى، ولكنها غير ساعاتنا هذه، ودليل وجودها أنَّ ابنَ حزمٍ الظَّاهريَّ في توقيته المسحَ على الخفَّين ذكر الدَّقائق، وهذا يدلُّ على أنَّها موجودةٌ من قبلُ.
وتعليلُ وجوبِ إعادة الصَّبيِّ إذا بلغ في أثناء الصَّلاة أنَّه شَرَعَ فيها؛ وهي في حَقِّه نَفْلٌ، والفرض لا يَنْبَنِي على النَّفل. وكذلك إذا بلغ بعدها في وقتها لزمه إعادتها؛ لأنَّه صار من أهل الوجوب قبلَ خروج وقتها فلزمَه فعلُها، وصلاتُه قبل بلوغه نافلة فلا تسقط بها الفريضة. والأصحاب قالوا: إذا بلغ الصَّبيُّ وهو صائمٌ مضى في صومه ولم تلزمه الإعادة[(26)]. ففرَّقوا بين الصَّلاة والصِّيام، ولم يذكروا سبباً مقنعاً للتَّفريق، ولهذا جعل بعضُ الأصحاب حكمهما واحداً، وأوجبَ القضاءَ على مَنْ بلغ أثناء صومه[(27)].
ولكن الصَّواب: أنَّه يمضي في صلاته وصومه ولا إعادة عليه، وكذلك لو بلغ بعد صلاته لم تلزمه إعادتها، كما لا يلزمه إعادةُ صيام الأيام الماضية من رمضان قولاً واحداً[(28)]؛ لأنَّه قام بفعل الصَّلاة والصِّيام على الوجه الذي أُمِرَ به، فسقط عنه الطَّلبُ، وهذا واضحٌ ولله الحمد.
ويؤيِّد هذا: أنَّه يقع كثيراً، ولم يُحْفَظْ عن الصَّحابة أنَّهم يأمرون من بلغ في أثناء الوقت بالإعادة.

ويَحْرُمُ تَأْخيرُها عَنْ وَقْتِها ...............
قوله: «وَيَحْرُمُ تأخيرُها عن وَقْتِها» ، وذلك لقوله تعالى: {{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}} [النساء: 103] ، وإذا كانت مفروضةً في وقت معيَّن فتأخيرُها عن وقتها حرامٌ. وكذلك النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وقَّتَ أوقاتَ الصَّلاة، وهذا يقتضي وجوبَ فعلها في وقتها.
وقوله: «تأخيرها» يشمَلُ تأخيرها بالكلِّيَّة؛ أو تأخيرَ بعضها، بحيث يؤخِّر الصَّلاة حتَّى إذا لم يبقَ إلاَّ مقدارُ ركعةٍ صلَّى، فإنَّه حرامٌ عليه؛ لأنَّ الواجبَ أن تقع جميعُها في الوقت.
وقوله: «عن وقتها» يشمَلُ وقت الضَّرورة ووقت الجواز؛ لأنَّ صلاة العصر مثلاً لها وقتان: وقتُ ضرورة؛ ووقتُ جواز، فوقتُ الضَّرورة من اصفرار الشَّمس إلى غروبها، ووقتُ الجواز من دخول وقتها إلى اصفرار الشَّمس، فيحرم أن يؤخِّرها عن وقت الجواز إلاَّ لعذر. ويُستثنى من ذلك مسألتان:

إِلاَّ لِنَاوِ الْجَمْعِ، ولمشتغلٍ بشَرْطِها الذي يُحَصِّلُهُ قريباً.
المسألة الأولى: أشار إليها بقوله: «إِلا لِنَاوِ الجَمْعِ» ، ونزيد قيداً: وكان ممَّن يَحِلُّ له أن يجمع. وهذا الاستثناء يشبه أن يكون صُوريًّا، وذلك لأنَّه إذا جاز الجمعُ بين الصَّلاتين صار وقتاهما وقتاً واحداً، ولا يقال: «أخَّرها عن وقتها».
المسألة الثانية: ذكرها بقوله: «ولمُشْتَغِلٍ بشَرْطها الذي يُحَصِّلُهُ قريباً» .
مثاله: إنسان انشقَّ ثوبه فصار يخيطُه فحانَ خروجُ الوقت، فإن صَلَّى قبل أن يخيطَه صلَّى عُرْياناً، وإن انتظر حتَّى يخيطَه صلَّى مستتراً بعد الوقت، فهذا تحصيلُه قريب، فهنا يجوز أن يؤخِّرها عن وقتها، أمَّا إذا كان بعيداً فلا. ومثله لو وصل إلى الماء عند غروب الشَّمس، فإن اشتغل باستخراجه غربتِ الشَّمسُ؛ فله أن يؤخِّرها عن وقتها، لأنَّه اشتغل بشرطٍ يُحصِّلُه قريباً، وهو استخراج الماء من البئر، وإن كان يحتاج إلى حفر البئر فلا يؤخِّرها؛ لأن هذا الشَّرطَ يُحصِّله بعيداً. هذا ما ذهب إليه المؤلِّف.
والصَّواب: أنَّه لا يجوز أن يؤخِّرها عن وقتها مطلقاً، وأنَّه إذا خاف خروجَ الوقت صَلَّى على حَسَبِ حاله؛ وإن كان يمكن أن يُحصِّل الشَّرطَ قريباً استدلالاً بالآية. ولأنَّه لو جاز انتظار الشُّروط ما صحَّ أن يُشْرَعَ التَّيمُّمُ؛ لأنَّه بإمكان كُلِّ إنسان أن يُؤخِّر الصَّلاةَ حتى يجد الماء. وانفكاكهم عن هذا الإيراد بقولهم: «قريباً» انفكاك لا يؤثِّر؛ لأنَّ الذي أخَّر الصلاة عن وقتها لا فرق بين أن يؤخِّرها إلى وقت طويل أو إلى وقت قصير؛ لأن في كليهما إخراجاً عن وقتها، وهذا اختيار شيخ الإسلام[(29)]. فعلى هذا يصلِّي في الوقت بالتَّيمُّم وعُرياناً. ويكون الذي يُستثنى مسألة واحدة وهي من نوى الجمع، وسبق التنبيه على أنه تأخير صوريٌّ فقط.
مسألة : اختلف العلماء هل يجوز تأخير الصَّلاة لشدَّة الخوف بحيث لا يتمكَّن الإنسانُ من الصَّلاة بوجه من الوجوه؛ لا بقلبه؛ ولا بجوارحه على قولين[(30)]، والصَّحيح منهما أنه يجوز في هذه الحال؛ لأنَّه لو صَلَّى؛ فإنَّه لا يدري ما يقول ولا ما يفعل، ولأنَّه يدافع الموت. وقد ورد ذلك عن بعض الصَّحابة كما في حديث أنس في فتح تُسْتَر[(31)]، فإنَّهم أخَّروا صلاةَ الفَجر عن وقتها إلى الضُّحى حتى فَتَح اللَّهُ عليهم[(32)]، وعليه يُحمل تأخير النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم يوم الخندق الصلاةَ عن وقتها[(33)]، فإنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «شَغلونا عن الصَّلاة الوسطى»[(34)]، أي: بحيث لم يستطع أن يصلِّيَها في وقتها.
وغزوة الخندق كانت في السَّنةِ الخامسة، وغزوة ذات الرِّقاع كانت في السَّنة الرَّابعة على المشهور[(35)]، وقد صلَّى فيها صلاة الخوف، فتبيَّن أنَّه أخَّرها في الخندق لشدَّة الخوف، فيكون هذا الاستثناء الثَّاني في التأخير، وعليه يكون تأخير الصَّلاة عن وقتها في موضعين:
أحدهما: عند الجمع.
والثَّاني: في شدَّة الخوف الذي لا يتمكَّن معه من الصَّلاة بأيِّ وَجْهٍ من الوجوه كما سبق.
وهل يجوز تأخير الصَّلاةِ من أجل العمل؛ إذا كان لا يتمكَّن صاحبُه من أداء الصلاة في وقتها فيؤخِّرها؟.
والجواب: إن كان ذلك للضَّرورة كإطفاء الحريق وإنقاذ الغريق فالظَّاهر الجواز، وإن كان لغير الضرورة لا يجوز.

ومَنْ جَحَدَ وُجُوبَها كَفَرَ،...........
قوله: «وَمَنْ جَحَدَ وجُوبها كَفَرَ» ، أي: وجوبَ الصَّلاة المُجمع على وجوبها وهي: الصلوات الخمس والجُمُعة فهو كافر؛ لأنَّه مكذِّبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين القطعيِّ، وحتى لو جَحَدَ وجوبها وصلَّى، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ بعضها، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ ركعة واحدة، فإنَّه يكفر.
وكذا لو جَحَدَ وجوبَ رُكْنٍ واحد فقط، كفر إذا كان مُجمَعاً عليه. واستثنى العلماءُ من ذلك: ما إذا كان حديثَ عهدٍ بكفر وجَحَدَ وجوبها، فإنَّه لا يكفر[(36)]، لكن يُبيَّنُ له الحق، فإذا عُرض له الحقُّ على وجهٍ بَيِّنٍ ثُمَّ جَحَدَ كفر. وهذه المسألة التي استثناها العلماء تُبَيِّنُ أنَّه لا فرق بين الأمور القطعيَّة في الدِّين وبين الأمور الظنِّيَّة في أنَّ الإنسان يُعْذَر بالجهل فيها، وهذه المسألة ـ أعني العذر بالجهل ـ مهمَّةٌ تحتاج إلى تثبُّتٍ حتى لا نُكفِّر من لم يَدُلَّ الدَّليل على كفره.

وَكَذَ تَارِكُهَا تَهَاوُناً وَدَعَاهُ إِمامٌ أو نَائِبُهُ فَأَصَرَّ وَضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا،.........
قوله: «وكذا تاركُها تهاوناً، ودَعَاهُ إمامٌ أو نائبُه فأَصرَّ وضَاقَ وَقْتُ الثَّانية عنها» ، فَصَلَ هذه المسألة عن الأولى بقوله: «وكذا»، لأنَّ هذه لها شروط، فإذا تركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بفرضيتها، فإنَّه كافرٌ كفراً أكبرَ مخرجاً عن المِلَّة ولكن بشرطين:
الأول: ذكره بقوله: «ودَعَاهُ إمامٌ أو نائبُه»، أي: إلى فعلها. والمراد بالإمام هنا: مَنْ له السُّلطة العُليا في البلد.
والثاني: ذكره بقوله: «وضاقَ وقتُ الثَّانية عنها» فإنَّه يكفرُ. وعليه؛ فإذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها، فإنَّه لا يكفر، وظاهره أنَّه سواءٌ كانت تُجمع إلى الثانية أو لا تُجمع، وعلى هذا؛ فمذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه أنَّه لا يمكن أن يُحْكَمَ بكفر أحد تركَ الصَّلاةَ إذا لم يَدْعُهُ الإمامُ؛ لأننا لم نتحقَّق أنه تركها كسلاً؛ إذ قد يكون معذوراً، بما يعتقده عذراً وليس بعذرٍ، لكن إذا دعاه الإمام وأصرَّ علمنا أنه ليس معذوراً.
وأما اشتراطُ ضِيْقِ وقت الثانية؛ فلأنَّه قد يظنُّ جوازَ الجمع من غير عذرٍ. فلاحتمال هذا الظَّنِّ لا نحكم بكفره.
ولكن القول الصَّحيح ـ بلا شكٍّ ـ ما ذهب إليه بعض الأصحاب من أنه لا تُشترط دعوةُ الإمام[(37)]؛ لظاهر الأدلَّة، وعدم الدَّليل على اشتراطها.
وأيضاً: هل نقول في المسائل التي يُكفَّر بها: إنَّه لا يُكفَّر إلاَّ إذا دعاه الإمام؟ لأنَّ احتمالَ العُذر فيها كاحتمال العُذر في تارك الصَّلاة تهاوناً وكسلاً، فإما أن نقول بذلك في الجميع؛ أو نترك هذا الشرط في الجميع؛ لعدم الدَّليل على الفرق.
وقال بعض العلماء: يكفرُ بترك فريضةٍ واحدة[(38)]، ومنهم من قال: بفريضتين (38) ، ومنهم من قال: بترك فريضتين إن كانت الثَّانية تُجمع إلى الأولى (38) . وعليه؛ فإذا ترك الفجر فإنَّه يكفر بخروج وقتها، وإن ترك الظُّهر، فإنَّه يكفر بخروج وقت صلاة العصر.
والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً؛ بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة؛ فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر.
فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر؛ لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة؛ وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «بين الرَّجُلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تَرْكُ الصَّلاة»[(39)]، ولم يقل: «تَرَكَ صلاةً». وأما ما رُوي عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «مَنْ تَركَ صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فقد بَرئت منه الذِّمَّةُ»[(40)]، ففي صحَّته نظر. ولأنَّ الأصلَ بقاءُ الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين؛ لأنَّ ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين، فأصل هذا الرَّجُل المُعَيَّن أنَّه مسلمٌ؛ فلا نخرجه من الإسلام المتيقَّن إلا بدليل يخرجه إلى الكفر بيقين.
وقال بعض العلماء: لا يكفر تاركها كسلاً[(41)].
وقول الإمام أحمد بتكفير تارك الصلاة كسلاً هو القول الرَّاجح، والأدلة تدلُّ عليه من كتاب الله وسُنَّةِ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، وأقوال السَّلف، والنَّظر الصحيح.
أمَّا الكتاب: فقوله تعالى في المشركين: {{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}} [التوبة: 11] ، فاشترط الله لثبوت الأُخُوَّة في الدِّين ثلاثةَ شروط:
الأولُ: التوبة من الشِّرك، والثَّاني: إقامة الصَّلاة، والثالث: إيتاء الزَّكاة.
فالآية تدلُّ على أنَّه لا يكون أخاً لنا في الدِّين إذا لم يُصَلِّ ولم يُزكِّ، وإن تاب من الشِّرك. والأُخُوَّة في الدِّين لا تنتفي بالمعاصي وإن عَظُمَتْ، كما في آية القصاص حيث قال تعالى: {{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ}} [البقرة: 178] ، فجعلَ المقتولَ أخاً للقاتل عمداً، وكما في اقتتال الطَّائفتين من المؤمنين حيثُ قال تعالى: {{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}} [الحجرات: 10] ، فلم تنتفِ الأُخوة الإيمانية مع الاقتتال؛ وهو من كبائر الذُّنوب.
أمَّا مانعُ الزَّكاة فمن العلماء من التزم بذلك وقال بأنَّه كافر، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله[(42)]، ولكن يمنع هذا القول ما ثبت في «صحيح مسلم» فيمن آتاه الله مالاً من الذَّهب والفضَّة ولم يُؤدِّ زكاتَه «أنه يرى سبيله إما إلى الجَنَّة وإما إلى النَّار»[(43)]، وهذا يَدلُّ على أنه ليس بكافر؛ إذ لو كان كذلك لم يجد سبيلاً إلى الجنَّة.
وأما السُّنَّة: فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «بين الرَّجُل وبين الشِّرك والكفر تركُ الصَّلاة»[(44)]، وقال: «العهدُ الذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمن تركها فقد كفر»[(45)]. والبَيْنيَّةُ تقتضي التَّمييز بين الشيئين، فهذا في حَدٍّ، وهذا في حَدٍّ.
وقوله في الحديث: «الكفر»، أتَى بأل الدالة على الحقيقة، وأنَّ هذا كفرٌ حقيقي وليس كفراً دون كُفر، وقد نَبَّه على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم»[(46)]، فلم يقل صلّى الله عليه وسلّم: «كفر»، كما قال: «اثْنَتَان في النَّاس هُمَا بهم كُفْرٌ: الطَّعن في النَّسب، والنِّياحة على الميِّت»[(47)]، وإنما قال: «بين الرَّجُل والشِّرك والكفر»، يريد بذلك الكفر المطلق وهو المُخْرج عن المِلَّة.
وأما أقوال الصَّحابة: فإنها كثيرة، رُويت عن سِتَّة عشر صحابياً، منهم عمر بن الخطاب[(48)]. ونقل عبد الله بن شقيق وهو من التابعين عن أصحاب النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عموماً القول بتكفير تارك الصلاة، فقال: «كان أصحابُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لا يَرَونَ شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة»[(49)]، ولهذا حَكى الإجماعَ إِسحاقُ بن راهويه الإمام المشهور فقال: ما زال الناس من عهد الصحابة يقولون: إن تاركَ الصَّلاة كافر[(50)].
وأما النَّظَر: فإنه يُقال: إنَّ كلَّ إنسان عاقل في قلبه أدنى مثقال ذَرَّة من إيمان لا يمكن أن يُدَاوِمَ على ترك الصَّلاة، وهو يعلَم عِظَمَ شأنها، وأنَّها فُرضت في أعلى مكان وصل إليه البشر، وكان فرضها خمسين صلاة لكنها خُفِّفَت، ولا بُدَّ فيها من طهارة بدون خلاف، ولا بُدَّ للإنسان أن يتَّخذ فيها زينة، فكيف يشهد أنْ لا إله إلا الله، ويُحافظ على ترك الصَّلاة؟ إنَّ شهادةً كهذه تستلزم أن يعبده في أعظم العبادات، فلا بُدَّ من تصديق القول بالفعل، فلا يمكن للإنسان أن يَدَّعي شيئاً وهو لا يفعله، بل هو كاذب عندنا، ولماذا نكفِّره في النّصوص التي جاءت بتكفيره مع أنه يقول: لا إله إلا الله، ولا نكفره بترك الصَّلاة مع أنَّ النصوصَ صريحةٌ في كفره؟ ما هذا إلا تناقض.
ولا يمكن أنْ نحمل نصوصَ التَّكفير على مَنْ تركها جاحداً، فإن الإنسانَ لو صَلّى الصّلاة كاملة؛ وهو جاحدٌ لوجوبها فإنَّه كافر، ولهذا لما قيل للإمام أحمد في قوله تعالى: {{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا}...} [النساء: 93] الآية: إنَّ هذا فيمن استحلَّ قتل المسلم؛ قال: سبحان الله! من استحلَّ قتل المسلم فهو في النَّار، سواء قتله أم لم يقتله.
وهذا مثله، وأنت إذا حملتَ الحديثَ على هذا فقد حَرَّفته من وجهين:
أولاً: حملتَ دلالته على غير ظاهره؛ لأن الحديث معلَّق بالتَّرك لا بالجحود.
ثانياً: أبطلتَ دلالته فيما دَلَّ عليه، وهو التَّرك؛ حيث حملته على الجحود.
وهذا من باب الاعتقاد ثم الاستدلال، والذي يحكم بالكفر والإسلام هو اللَّهُ عزّ وجل.
بقي أن يُقال: هناك أحاديث تُعارض الأحاديثَ الدَّالة على الكفر؟ فنقول: أولاً يجب أن نعرف ما معنى المعارضة قبل أن نقول بها، ولهذا نقول: حَقِّقْ قبل أن تُنَمِّقَ، هل جاء حديث أو آية تقول: مَنْ ترك الصَّلاة فليس بكافر أو نحوه؟ لو جاءت على مثل هذا الوجه قلنا: هذه معارضة، ولكن ذلك لم يكن، فالنُّصوص التي عارضوا بها تنقسم إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: ما لا دليل فيه أصلاً للمسألة، مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}} [النساء: 48، 116] ، فإن قوله: {{مَا دُونَ ذَلِكَ}} يدخل فيه تَرْكُ الصَّلاة؛ فيكون داخلاً تحت المشيئة، وما كان كذلك لم يكن كفراً.
فيجاب: بأن معنى قوله: {{مَا دُونَ ذَلِكَ}} ما هو أقلُّ من ذلك، وليس معناه ما سوى ذلك، بدليل أنَّ من كذَّبَ بما أخبر الله به ورسولُه فهو كافر كفراً لا يُغفر، وليس ذَنْبُه من الشِّرك. ولو سلَّمنا أن معنى: {{مَا دُونَ ذَلِكَ}} ما سوى ذلك؛ لكان هذا من باب العام المخصوص بالنُّصوص الدَّالَّة على الكفر بما سوى الشِّرك، والكفر المُخرج عن المِلَّة من الذنب الذي لا يُغفر، وإن لم يكن شركاً.
ومن هذا القسم: ما يكون مشتبهاً لاحتمال دلالته، فيجب حمله على الاحتمال الموافق للنصوص المحكمة، كحديث عُبادة بن الصَّامت: «خمسُ صلوات؛ افترضهُنَّ اللَّهُ تعالى، مَنْ أحسن وضوءَهُنَّ، وصَلاَّهُنَّ لوقتهنَّ؛ وأتمَّ رُكوعَهُنَّ وخُشوعَهُنَّ، كان له على الله عهدٌ أن يغفرَ له، ومَنْ لم يفعلْ؛ فليس له على الله عهدٌ، إن شاء غَفرَ له، وإن شاء عَذَّبه»[(51)]، فإنه يحتَمِلُ أن يكون المراد به: من لم يأتِ بهنَّ على هذا الوصف، وهو إتمام الركوع والسجود والخشوع.
ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بهنَّ على هذا الوصف، وهو إتمام الركوع والسجود والخشوع.
ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بهنَّ كلِّهنَّ؛ بل كان يُصلّي بعضاً ويترك بعضاً.
ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بواحدةٍ منهنّ، بل كان يَتركهُنَّ كلَّهنَّ.
وإذا كان الحديث محتملاً لهذه المعاني كان من المتشابه، فيُحمل على الاحتمال الموافق للنُّصوص المحكمة.
القسم الثاني: عامٌ مخصوص بالأحاديث الدَّالة على كفر تارك الصلاة، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث معاذ بن جبل: «ما من عبدٍ يشهدُ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً عبده ورسوله؛ إلا حَرَّمه اللَّهُ على النَّار»[(52)]. وهذا أحدُ ألفاظه، وورد نحوه من حديث أبي هريرة[(53)] وعُبادة بن الصامت[(54)] وعِتْبَان بن مالك[(55)] رضي الله عنهم.
القسم الثالث: عامٌ مقيَّد بما لا يمكن معه ترك الصَّلاة، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث معاذ: «ما من أحدٍ يشهد أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله ـ صِدْقاً من قلبه ـ إلا حَرَّمه الله على النَّار» (52) ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث عِتْبَان بن مالك: «فإن الله حَرَّم على النَّار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وَجْهَ الله» (52) ، رواه البخاري.
فتقييدُ الإتيان بالشهادتين بإخلاص القصد وصدق القلب يمنعه من ترك الصَّلاة، إذ ما من شخص يصدق في ذلك ويُخْلص إلا حمله صدقه وإخلاصه على فعل الصَّلاة ولا بُدّ، فإن الصَّلاة عَمُود الإسلام، وهي الصِّلة بين العبد وربِّه، فإذا كان صادقاً في ابتغاء وجه الله، فلا بُدَّ أن يفعل ما يوصله إلى ذلك، ويتجنَّبَ ما يحول بينه وبينه.
وكذلك من شهد أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله صِدْقاً من قلبه؛ فلا بُدَّ أن يحمله ذلك الصِّدق على أداء الصَّلاة مخلصاً بها لله تعالى متَّبعاً فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن ذلك من مستلزمات تلك الشَّهادة الصَّادقة.
القسم الرابع: ما ورد مقيَّداً بحال يُعذر فيها بترك الصلاة، كالحديث الذي رواه ابنُ ماجه عن حُذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يَدْرُسُ الإسلامُ كما يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوب» الحديث، وفيه: «وتبقى طوائفُ من النَّاس: الشيخُ الكبيرُ والعجوزُ، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمةِ: لا إله إلا الله، فنحن نقولُها». فقال له صِلَة: ما تُغْني عنهم: لا إله إلا الله؛ وهم لا يَدْرون ما صلاة؛ ولا صيام؛ ولا نُسُكٌ؛ ولا صَدَقَةٌ. فأعرض عنه حُذيفة، ثم ردَّها عليه ثلاثاً. كُلُّ ذلك يُعْرِضُ عنه حُذيفة، ثم أقبل عليه في الثَّالثة، فقال: يا صِلَةُ، تُنْجِيهم من النَّار. ثلاثاً[(56)]. فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمةُ من النَّار كانوا معذورين بترك شَرائعِ الإسلام؛ لأنهم لا يَدْرون عنها، فما قَامُوا به هو غايةُ ما يقدرون عليه، وحالهم تُشبه حالَ مَنْ ماتوا قبل فرض الشَّرائع، أو قبل أن يتمكَّنُوا من فعلها، كمن مات عُقيب شهادته قبل أن يتمكَّنَ من فعل الشَّرائع، أو أسلم في دار الكفر قبل أن يتمكَّنَ من العلم بالشرائع.
القسم الخامس: أحاديث ضعيفة لا تقاوم أدلَّة كفر تارك الصَّلاة.
والحاصل: أن ما استدلَّ به مَنْ لا يرى كُفْر تارك الصَّلاة لا يقاوم ما استدلَّ به من يرى كفره؛ لأنَّ ما استدلَّ به أولئك: إما ألا يكون فيه دلالة أصلاً، وإما أن يكون مقيَّداً بوصفٍ لا يتأتَّى معه ترك الصَّلاة، أو مقيَّداً بحال يُعذر فيها بترك الصَّلاة، أو عاماً مخصوصاً بأدلَّة تكفيره أو ضعيفاً لا يقاوم الأدلَّة الدَّالة على كفره.
فإذا تَبيَّن كفره بالدَّليل القائمِ السالمِ عن المُعارض المقاوم؛ وجَبَ أن تترتَّبَ أحكام الكُفْر والرِّدَّة عليه؛ ضرورة أن الحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً.
والقولُ بعدم تكفير تارك الصَّلاة يُؤدي إلى تركها والتَّهاونِ بها؛ لأنَّك لو قلت للنَّاس على ما فيهم من ضعف الإيمان: إنَّ ترك الصَّلاة ليس بكُفْر، تركوها. والذي لا يُصلِّي لا يغتسل من الجنابة، ولا يستنجي إذا بال، فيُصبح الإنسان على هذا بهيمة، ليس همُّه إلا أكلٌ وشربٌ وجِمَاعٌ فقط، والدليل على كفره قائم؛ وهو سالم عن المُعارض القائم المقاوم تماماً ولله الحمد.
ولنا في ذلك رسالة مستقلَّة؛ أوسع من هذا البحث؛ فليُراجعها من أحبَّ؛ لأهميَّةِ الموضوع.

وَلاَ يُقْتَلُ حتى يُستتاب ثَلاَثاً فِيهِما.
قوله: «وَلاَ يُقْتَلُ حتى يُستتاب ثَلاثاً فِيهِما» ، أي: لا يقتل من جَحَد وجوب الصَّلاة أو تركها تهاوناً وكسلاً «حتى يُستتاب»، أي: يستتيبه الإمام أو نائبه ثلاثة أيام، فيقول له: تُبْ إلى الله وصَلِّ وإلا قتلناك.
وهذه المسألة، فيها خلافٌ بين أهل العلم، وعن الإمام أحمد روايتان[(57)]، هل يُستتابُ كلُّ مرتد أم لا؟ والمذهب: أن المرتدين قسمان[(58)]:
قسم لا تقبل توبتهم، فهؤلاء لا يُستتابون لعدم الفائدة وهم: من سَبَّ الله، أو رسوله، أو تكرَّرت رِدَّتُه، فإن هذا يُقتل حتى لو تاب. والصَّحيح: أنَّه تُقبل توبتهم؛ لعموم الأدلة الدَّالة على قَبُول الله تعالى التَّوبة من كلِّ ذنب؛ بل في خُصوص المستهزئين بالله وآياته ورسوله كما قال تعالى: {{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ *}} [الزمر] ، وقال في المستهزئين: {{لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}} [التوبة: 66] . لكن من سَبَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم قُتِلَ وجوباً وإِنْ تابَ؛ لأنه حَقُّ آدميٍّ فلا بُدَّ من الثَّأر له صلّى الله عليه وسلّم.
والقسم الثاني من المرتدين تُقبل توبتهم، وفي استتابتهم روايتان[(59)]:
الرِّواية الأولى: لا يُستتابون بل يقتلون؛ لأن النصوص الواردة عامَّة، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ بدّلَ دينه فاقتلوه»[(60)]، ولم يقل: «فاستتيبوه».
والرِّواية الثانية: أنهم يُستتابون ثلاثة أيَّام، واستدلُّوا بأثرٍ عن عمر رضي الله عنه أنه ذُكر له رجلٌ ارتدَّ فقُتِلَ، فقال لهم: «فهلاّ حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كلَّ يومٍ رغيفاً، واستتبتُموه لَعَلَّه يتوب ويُراجع أمر الله، اللهم إنِّي لم أحضرْ، ولم آمُرْ، ولم أَرْضَ إذ بلغني»[(61)].
وهناك قول ثالث: أنَّ هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم[(62)]، وهذا لا يُنافي ما قاله عمر، ولا يُخالف الأدلَّة، وهذا القول هو الصَّحيح.

----------------------------------

[1] انظر: «الروض المربع» (1/118).

[2] رواه البخاري، كتاب الصلاة: باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، رقم (349)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى السماوات، رقم (163) من حديث أنس.
[3] رواه مسلم في الكتاب والباب السابقين، رقم ( 162) من حديث أنس.
[4] رواه النسائي: كتاب الصلاة: باب فرض الصلاة...، (1/223) رقم (449) من حديث أنس أيضاً.
[5] رواه البخاري، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، رقم (1395)، ورقم (1496).
ومسلم، كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، رقم (19).
[6] رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب كون الإسلام يهدم ما قبله، رقم (121). من حديث عمرو بن العاص.
[7] رواه ـ بهذا اللفظ ـ أحمد (4/204، 205)، والحارث بن أبي أسامة [«زوائد مسنده» رقم (1033)]، والطحاوي في «شرح المشكل» رقم (507) وغيرهم، من حديث عمرو بن العاص. قال الهيثمي: «رواه أحمد والطبراني... ورجالهما ثقات». «المجمع» (9/351).
وانظر: «تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف»، للزيلعي (2/27).
[8] رواه البخاري، كتاب الزكاة: باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، رقم (1436)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، رقم (123) واللفظ له، من حديث حكيم بن حزام.
[9] رواه البخاري، كتاب التفسير: باب (سورة الإخلاص) قل هو الله أحد، رقم (4974) من حديث أبي هريرة.
[10] رواه أبو داود، كتاب الحدود: باب في المجنون يسرق أو يصيب حَدّاً، رقم (4401)، والنسائي في «السنن الكبرى»، أبواب التعزيرات والحدود: باب المجنونة تصيب حدّاً، رقم (7343) من طريق جرير بن حازم، عن سليمان بن مهران، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن علي به مرفوعاً.
قال النووي: «رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح». «الخلاصة» رقم (679) إلا أنه قد خالف جرير بن حازم وكيع بن الجراح ومحمدُ بن فضيل؛ فروياه عن علي بن أبي طالب وعُمر بن الخطاب موقوفاً.
ورجَّح النسائيُّ والترمذيُّ والدارقطنيُّ وغيرهم وقْفَهُ على عُمر وعليّ.
ورواه أبو داود، كتاب الحدود: باب في المجنون يسرق أو يصيب حَدّاً، رقم (4398)، وابن حبان رقم (142) بنحوه من حديث عائشة.
قال النسائي: ليس في هذا الباب صحيح إلا حديث عائشة، فإنه حَسنٌ.
قال البخاري: أرجو أن يكون محفوظاً.
قال ابن المنذر: هو ثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
انظر: «علل الترمذي الكبير» (1/593)، «العلل» للدارقطني رقم (291، 354)، «فتح الباري» لابن رجب (5/294).
[11] رواه أحمد (2/180)، وأبو داود، كتاب الصلاة: باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، رقم (495) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به مرفوعاً.
قال النووي: «رواه أبو داود بإسناد حسن»، «الخلاصة» رقم (687).
ورواه أحمد (3/404)، وأبو داود ـ الموضع السابق ـ رقم (494)، والترمذي، أبواب الصلاة: باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة، رقم (407)، والحاكم (1/201) من حديث سَبرة بن معبد الجُهني.
والحديث صححه: الترمذي، وابن خزيمة، والحاكم وغيرهم.
[12] متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (1/476).
[13] انظر: «الإفصاح» لابن هبيرة (1/100).
[14] رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة: باب من نسي صلاة فليصلّ إذا ذكرها، رقم (597)، ومسلم، كتاب المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة، رقم (684) من حديث أنس بن مالك واللفظ لمسلم.
[15] روى ذلك البخاري، كتاب التيمم: باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، رقم (344)، ومسلم، كتاب المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، رقم (682) من حديث عمران بن حصين.
[16] انظر: «مجموع الفتاوى» (22/36، 37)، «الاختيارات» ص(35).
[17] روى عبد الرزاق (2/479)، وأبو بكر بن أبي شيبة، كتاب الصلاة: باب ما يعيد المغمى عليه من الصلاة، رقم (6583)، والدارقطني (2/81)، رقم (1841)، والبيهقي (1/388)، وفي «المعرفة والآثار» (2/220) من طريق السُّدِّي، عن يزيد مولى عمار، أن عمار بن ياسر أُغمي عليه في الظُّهر والعصر، والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل، فصلّى الظهر والعصر، والمغرب والعشاء».
قال الشَّافعي: «ليس بثابتٍ عن عمار». وضعَّفه البيهقي أيضاً. «المعرفة والآثار» (2/ 221)، وقال ابن التركماني: «سنده ضعيف». «الجوهر النقي» مع السنن (1/387).
[18] انظر: «المدونة» (1/93، 94)، «المجموع شرح المهذب» (3/6، 7)، «المغني» (2/50، 51).
[19] انظر: «المبسوط» (1/217).
[20] روى مالك في «الموطأ»، كتاب وقوت الصلاة: باب جامع الوقوت، رقم (24)، وعبد الرزاق (2/479)، وأبو بكر بن أبي شيبة، كتاب الصلاة: باب من قال ليس عليه (المغمى عليه) إعادة، رقم (6599)، والدارقطني (2/82) واللفظ له، والبيهقي في «المعرفة والآثار» (2/219) عن نافع: «أن ابن عمر أُغمي عليه ثلاثة أيام ولياليهن، فلم يقضِ». وإسناده غايةٌ في الصِّحة.
[21] انظر: «المغني» (2/52)، «المجموع شرح المهذَّب» (3/6، 7).
[22] انظر: «المغني» (2/52)، «الإنصاف» (3/10).
[23] متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (1/194).
[24] البِرْسَام: مرض يسبب الهَذيان. انظر: «القاموس المحيط» مادة: «برسم».
[25] تقدم تخريجه ص(8).
[26] انظر: «الإقناع» (1/490).
[27] انظر: «الإنصاف» (2/22)، (7/361).
[28] انظر: «المغني» (4/414).
[29] انظر: «مجموع الفتاوى» (22/57)، «الاختيارات» ص(32، 33).
[30] انظر: «المغني» (3/316)، «مجموع الفتاوى» (22/28، 29)، «الإنصاف» (5/146).
[31] تُسْتَر: بلد من بلاد الأهواز، وهي أعظم مدينة بخوزستان [عربستان]، ذكر خليفةُ أنَّ فَتْحها كان في سنة عشرين في خلافة عُمر. «الفتح» لابن رجب، ولابن حَجر شرح حديث رقم (945). «معجم البلدان» (2/29)، «التاريخ الإسلامي» لمحمود شاكر (3/179).
[32] رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، كتاب الخوف: باب الصَّلاة عند مناهضةِ الحصون ولقاءِ العدو. ووصله خليفة بن خياط في «تاريخه» ص(146) قال: ثنا ابن زُريع، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس به، وإسناده صحيح.
ووصله أيضاً ابن سعد، وابن أبي شيبة من وجه آخر عن قتادة. انظر «الفتح» شرح حديث (945).
[33] رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة: باب مَنْ صلّى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، رقم (596)، ومسلم، كتاب المساجد: باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم (631) من حديث جابر.
[34] رواه مسلم، في الكتاب والباب السابقين، رقم (627، 628) من حديث علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود.
[35] انظر: «زاد المعاد» (3/250)، «فتح الباري» (7/417).
[36] انظر: «المغني» (3/351).
[37] انظر: «الإنصاف» (3/30).
[38] انظر: «المغني» (3/354)، «مجموع الفتاوى» (22/60)، «الإنصاف» (3/28).
[39] رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب بيان إطلاق اسم الكفر على مَنْ ترك الصَّلاة، رقم (82) من حديث جابر بن عبد الله.
[40] رواه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (18)، وابن ماجه، كتاب الفتن: باب الصبر على البلاء، رقم (4034)، والبيهقي في «الشُّعب» رقم (5589) عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء به مرفوعاً.
قال ابن حجر: «في إسناده ضعف». «التلخيص الحبير» رقم (810).
قال في موضع آخر: «إسناده حسن موصول». «الأمالي المطلقة» ص(74).
قال البوصيري: «إسناده حسن، وشهر مختلف فيه».
قلت: شهر بن حوشب ضعّفه شعبة والنسائي وغيرهما، ووثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وحَسَّن أحاديثه أحمد بن حنبل والبخاري. وقال ابن حجر: «صدوق كثير الإرسال والأوهام» «تقريب» ص(441).
ورواه ابن أبي شيبة بنحوه في «مصنّفه»، كتاب الصلوات: باب في التفريط في الصلاة، رقم (3445) عن أبي قلابة عن أبي الدرداء.
وله شاهد من حديث أميمة مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رواه الطبراني (24/رقم 479) والحاكم (4/41)، قال ابن الملقن: «في إسناده يزيد بن سنان الرهاوي وهو ضعيف». «خلاصة البدر المنير» (1/283).
وله شاهد من حديث أم أيمن رواه البيهقي (7/304)، وفي «الشُّعب» رقم (7865) وحسَّنه الحافظ في «الأمالي».
ومن ثم؛ فإن الحافظ قد قوَّى هذا الحديث بشواهده «الأمالي المطلقة» ص(75).
[41] انظر: «المغني» (3/354، 355)، «الإنصاف» (3/35 ـ 41).
[42] انظر: «المغني» (4/7، 8)، «الإنصاف» (3/34)، (7/147، 148)، (27/113، 114).
[43] رواه مسلم، كتاب الزكاة: باب إثم مانع الزكاة، رقم (987)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[44] تقدم تخريجه ص(27).
[45] رواه أحمد (5/346)، والترمذي، كتاب الإيمان: باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم (2621)، والنسائي، كتاب الصلاة: باب الحكم في تارك الصلاة، (1/231)، رقم (462)، وابن ماجه كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، رقم (1079)، وغيرهم من حديث بريدة بن الحصيب.
والحديث صحّحه: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والنووي، والذهبي.
وقال هبة الله الطبري: «هو صحيح على شرط مسلم».
انظر: «شرح أصول الاعتقاد» رقم (1518)، «الخلاصة» رقم (658).
[46] «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/208).
[47] رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب، رقم (68).
[48] ولفظه: «لا حَظَّ في الإسلام لمن ترك الصَّلاة»، رواه مالك، كتاب الطهارة: باب العمل فيمن غلبه الدم من جرحٍ أو رعاف، رقم (86)، وابن أبي شيبة في «الإيمان» رقم (103)، والبيهقي (1/357) من طريق: هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة عن عمر به.
ورواه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (579) عن هشام، عن أبيه، حدثني سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة، عن عمر به، وإسناده صحيح.
ورواه ابن سعد (3/351)، والآجري في «الشريعة» رقم (271، 272) واللالكائي رقم (1528)، والطبراني في «الأوسط» رقم(8181) عن المسور بن مخرمة أيضاً عن عمر به. قال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح»، «المجمع» (1/295).
ورواه اللالكائي (1529) عن ابن عباس عن عمر به.
وانظر بقية أقوال الصحابة والتابعين في تكفير تارك الصلاة في: «شرح أصول الاعتقاد» (4/906)، و«الشريعة» (2/644)، و«المصنَّف» (1/150)، و«تعظيم قدر الصلاة» (2/876 ـ 925).
[49] رواه الترمذي، كتاب الإيمان: باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم (2622)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» رقم (948)، والحاكم (1/7).
قال النووي: رواه الترمذي في الإيمان بإسناد صحيح. «الخلاصة» رقم (660).
[50] انظر: «تعظيم قدر الصَّلاة» رقم (990)، «المحلَّى» (2/242، 243).
[51] رواه مالك في «الموطأ» رقم (320)، وأبو داود، كتاب الصلاة: باب في المحافظة على وقت الصلوات، رقم (425)، والنسائي، كتاب الصلاة: باب المحافظة على الصلوات الخمس، (1/230)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس، رقم (1401)، والبيهقي (2/215)، عن عبادة به مرفوعاً.
قال ابنُ عبد البر: «حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ». «التمهيد» (23/288).
قال النووي: «إسناده على شرط الصحيحين». «الخلاصة» رقم (661).
قال ابن كثير: «إسناده صحيح». «إرشاد الفقيه» ص(91).
[52] رواه البخاري، كتاب العلم: باب من خصَّ بالعلم قوماً دون قوم، رقم (128)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنّة، رقم (32) واللفظ له من حديث أنس بن مالك.
[53] رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنّة قطعاً، رقم (31) عن أبي هريرة عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنَّة».
[54] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء: باب قوله: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم...} رقم (3435)، ومسلم في الكتاب والباب السابقين، رقم (28).
[55] رواه البخاري، كتاب الرقاق: باب العمل الذي يُبتغى به وجه الله، رقم (6423)، ومسلم في الكتاب والباب السابقين، رقم (33).
[56] رواه ابن ماجه، كتاب الفتن: باب ذهاب القرآن والعلم، رقم (4049)، والحاكم (4/473، 545).
قال الحاكم: «حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه».
قال الذهبي: «على شرط مسلم».
قال ابن حجر: «سنده قوي». «الفتح» شرح حديث (7061).
قال البوصيري: «إسناده صحيح. رجاله ثقات».
[57] انظر: «الفروع» (6/169)، «الإنصاف» (27/114 ـ 118).
[58] انظر: «الإقناع» (4/291، 293).
[59] انظر: «الإنصاف» (27/114 ـ 118)، «الإقناع» (4/291).
[60] رواه البخاري، كتاب استتابة المرتدين: باب إثم من أشرك بالله، رقم (6922) من حديث ابن عباس.
[61] رواه مالك، كتاب الأقضية: باب القضاء فيمن ارتدَّ عن الإسلام، رقم (2152)، وعبد الرزاق رقم (18695)، والبيهقي (8/206) عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عَبْد القاري، عن أبيه به.
ومحمد بن عبد الله بن عَبْد القاري، ذكره ابن حبان في «الثقات» (7/384)، ولم يوثِّقه غيره.
قال الشافعيُّ: «وممن قال لا يُتأنَّى به؛ من زعم أنَّ الحديث الذي رُوي عن عُمر ليس بثابت، ولأنه لا يعلمه متَّصلاً، وإنْ كان ثابتاً كان لم يجعل على مَنْ قتله قبل ثلاث شيئاً». «المعرفة والآثار» (12/258).
[62] انظر: «فتح الباري» (12/269، 272).

 

الصَّلاة

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق



Top