أدخل كلمة للبحث

  • تسجيل الدخول
  • الفهرس
  • القرآن الكريم
  • أمثلة و حكم
  • اتصل
  • السبت 26, أبريل 2025








بلاغ عام

حصريا بالموقع

    • اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة

      اسماء الله الحسنى: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.توطئة: أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله. 1 – القوة الإدراكية في الإنسان: بادئ ذي بدء، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة، وما لم يبحث عن سر وجوده، وعن غاية وجوده، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته، هناك حاجات سفلى، وحاجات دنيا، وهناك حاجات عليا مقدسة. فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة، والذي يتعرف إلى سر وجوده، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته، ويحقق وجوده في الأرض. 2 – أصلُ الدين معرفةُ الله: النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض، المسافة كبيرة جداً، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ))[رواه الدارمي في سننه] والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل: (( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء))[ورد في الأثر] أيها الإخوة الكرام، لو أن طفلاً صغيراً قال: معي مبلغ عظيم، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى: أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب، فإنك تقدره مئتي مليار، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم، فإذا قال خالق السماوات والأرض: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾( سورة النساء ) 3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم: لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل. بالمناسبة، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ. 4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر: أيها الإخوة الكرام، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله، وتتعرف إلى أمره ونهيه، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، بينما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر. كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى، الصحابة الكرام قلة، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا، لأنهم عرفوا الله، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإننا لسنا ممكَّنين، والله عز وجل يقول: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55) ﴾( سورة النور) نحن كما في الآية الكريمة، وهذا هو الواقع المرّ، نحن لسنا مستخلَفين، ولسنا ممكَّنين، ولسنا آمنين، والكرة في ملعبنا، لأنه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ﴾( سورة مريم) إذاً: الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله، وطبقوا منهجه، فاستحقوا وعود الله عز وجل، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين. على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً، قال بعض العلماء: هناك علم بخلقه، يعني عندنا واقع، والعلم وصف ما هو كائن، هناك ظواهر فلكية، علم الفلك، ظواهر فيزيائية، علم الفيزياء ظواهر كيميائية، علم الكيمياء، ظواهر نفسية علم نفس، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع، فالعلم مختص بما هو كائن، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين، تطابق الواقع، عليها دليل، هذا هو العلم. 5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة: لكن هناك شيء آخر، هناك علم بأمره، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم، والطب، والهندسة، والصيدلة، وما إلى ذلك، هذا علم بخلقه، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا، أما العلم بأمره فأصل في العبادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات )العبادة:1 – تعريف العبادة:س والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.2 – الكليات الثلاث في العبادة: هذا التعريف فيه كليات ثلاث، فيه كلية معرفية، وكلية سلوكية، وكلية جمالية:الكلية السلوكية هي الأصل، وما لم يستقم المسلم على أمر الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً، هذه الكلية السلوكية. المؤمن ملتزم، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل، المؤمن في حياته منظومة قيم، عنده فرض، عنده واجب، عنده سنة مؤكدة، سنة غير مؤكدة، مباح، مكروه تنزيهاً، مكروه تحريماً، حرام، العلم بأمره أصل في قبول العبادة.3 – العبادات شعائرية وتعاملية: بالمناسبة العبادة واسعة جداً، هناك عبادة شعائرية، وهناك عبادة تعاملية، العبادات الشعائرية منها الصلاة والصوم لا تصح، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال بعض العلماء: " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة:(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا ))[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]العلمُ بأمر الله ونهيه فرض عين: هناك علم بخلق الله، والمسلمون مدعوون إلى طلب هذا العلم، بل هو عليهم فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، وهو أصل في صلاح الدنيا، بينما العلم بأمره أن تعرف الحلال والحرام، أن تعرف أحكام التعامل التجاري، أحكام التعامل اليومي، هذه كلها من أحكام الفقه، ولا بد من أن يتعرف الإنسان إليها، لتأتي حركته في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل. إنك بالاستقامة تسلم، لأنك تطبق تعليمات الصانع، وما من جهة في الأرض أجدر من أن تتبع تعليماتها إلا الجهة الصانعة، لأنها الجهة الخبيرة وحدها: ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾( سورة فاطر الآية: 19 ) العلم بأمره فرض عين على كل مسلم، العلم بخَلقه فرض كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل، بينما العلم بأمره فرض عيني على كل مسلم، كيف تعبد الله ؟ من أجل أن تعبده لا بد من أن تعرف أمره ونهيه، فالعلم بخلقه من أجل صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، وعلم بأمره من أجل قبول العبادة.العلمُ بأمر الله يحتاج إلى دراسة، والعلم بالله يحتاج على مجاهدة: لكن بقي العلم به، العلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة، إلى مدرس، إلى كتاب، إلى وقت، إلى مطالعة، إلى مذاكرة، إلى مراجعة، إلى أداء امتحان، إلى نيل شهادة، ولكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة. أنت حينما تلتزم، وحينما تأتي حركتك في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل عندئذ يتفضل الله علينا جميعاً فيمنحنا وميضاً من معرفته جل جلاله، فلذلك العلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة، وعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة أيضاً والعلم بخلقه وبأمره أصل في صلاح الدنيا، ومن أجل قوة المسلمين، والثاني أصل في قبول العبادة، لكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة، فبقدر ما تضبط جوارحك، بقدر ما تضبط حركاتك وسكناتك، بقدر ما تضبط تطلعاتك وبيتك وعملك، بقدر ما يتفضل الله عليك بأن يمنحك شيئاً من معرفته.طرق معرفة الله تعالى: الحقيقة نحن أمام طرق ثلاثة سالكة:الطريق الأولى: النظرُ في الآيات الكونية: أول بند آياته الكونية، قال تعالى:﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) لذلك من أجل أن نعرف الله عز وجل لا بد من أن نتفكر في مخلوقاته، والآية واضحة جداً، وفيها إشارة دقيقة إلى أن المؤمن يتفكر في خلق السماوات والأرض تفكراً مستمراً، والفعل المضارع ( يتفكرون ) يدل على الاستمرار، فمن أجل أن أعرف الله ينبغي أن أتفكر في مخلوقاته. هذا الكون أيها الإخوة الكرام ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، وقد قيل: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي. أول شيء، هناك آيات كونية تحتاج إلى تفكر، الآيات الكونية نتفكر بها، وهذا طريق آمن، لأن كل ما في الكون يعد مظهراً لأسماء الله الحسنى، وهذا موضوع الدرس الأول. ترى في الكون رحمة، إذاً: الله رحيم، ترى في الكون حكمة، إذاً: الله حكيم، ترى في الكون قوة، الله قوي، ترى في الكون غنى الله غني، فكأن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، هذا طريق إلى معرفة الله. بالمناسبة في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون. أيها الإخوة الكرام، بربكم إن قرأت آية فيها أمر، تقتضي هذه الآية أن تأتمر، وإن قرأت آية فيها نهي، تقتضي هذه الآية أن تنتهي، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل الجنة تقتضي هذه الآية أن تسعى لدخول الجنة، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار تقتضي هذه الآية أن تتقي النار، ولو بشق تمرة، وإن قرأت قصة أقوام سابقين دمرهم الله عز وجل تقتضي هذه الآية أن نتعظ، وأن نبتعد عن كل عمل يفعله هؤلاء. الآن السؤال: وإذا قرأت آية فيها إشارة إلى الكون، إلى خلق الإنسان، ماذا تقتضي هذه الآية ؟ تقتضي هذه الآية أن تفكر في خلق السماوات والأرض. أيها الإخوة الكرام، ألف وثلاث مئة آية في القرآن الكريم تتحدث عن الكون، وخلق الإنسان، والآية مرة ثانية أرددها على مسامعكم: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾( سورة آل عمران ) هذا طريق سالك إلى الله، وهو التفكر في خلق السماوات والأرض، وهو طريق سالك وآمن ومثمر.الطريق الثانية: النظرُ في أفعالِ الله تعالى: هناك طريق آخر، قال تعالى:﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) ﴾( سورة النحل ) الآن الطريق الثاني في معرفة الله: أن تنظر في أفعاله، الله عز وجل فعّال لما يريد، وأفعاله متعلقة بالحكمة المطلقة، وقد قال بعض العلماء: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وأراده الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق. بالمناسبة، هناك آيات كونية هي خَلقه، وهناك آيات تكوينية هي أفعالُه، وهناك آيات قرآنية كلامُه، إذاً: طريق معرفة الله التفكر في آياته الكونية خلقه، والنظر في آياته التكوينية أفعاله، ثم تدبر آياته القرآنية. ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتُك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـــما وليت عنا لغيرناو لــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتناولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحـبناولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً و اشتياقاً لقربنـــا***آية فيها سلامة الإنسان: أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أيها الإخوة الكرام: ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾( سورة الرعد الآية: 28 ) في القلب فراغ لا يملأه المال، ولا تملأه المتع، ولا تملأه القوة، نحن بحاجة إلى الإيمان، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾( سورة طه ) الإنسان مجبول على حب وجوده، وعلى جب سلامة وجوده، وعلى حب كمال وجوده، وعلى حب استمرار وجوده، سلامة وجوده أساسها تطبيق منهج الله، وكمال وجوده أسها القرب من الله عز وجل، واستمرار وجوده أساها تربية الأولاد كي يكون هذا الابن استمراراً لأبيه.أربع مساحات في الإسلام:1 ـ مساحة العقيدة:العقيدة أخطر المساحات الأربع: أيها الإخوة الكرام، إذا: يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات، المساحة الأولى: مساحة العقيدة، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة، لأنها إذا صحت صح العمل، وإذا فسدت فسد العمل. بالمناسبة، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة، تعرف سر الحياة الدنيا، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟ لذلك إذا شرد الإنسان عن الله، وتوهم أفكاراً معينة، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة، أن هذه الأفكار غير صحيحة، أما حينما يؤمن بالله، ويؤمن بمنهجه، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون، ولحقيقة الحياة الدنيا، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح. فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح، أما إذا كان منضبطاً، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة، فالخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر. لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة، فإن صحت صحّ العمل، وإن فسدت فسد العمل، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك. للتقريب: أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً، لذلك يجب أن تصح عقائدنا، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح، خرافة أحياناً، شيئا شاع بين الناس، فلابد من بحث في العقيدة، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله، لكن لأن الله عز وجل يقول:﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد ) لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً، قضية التقليد مرفوضة، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ﴾( سورة محمد )2 ـ مساحة العبادة:الأصل في العبادات المنعُ والحَظْرُ: المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات، والأصل في العبادات الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت، لأن العبادات قربات إلى الله، والله عز وجل يقول: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾( سورة الذاريات ) والعبادة علة وجودنا، بل هي سر وجودنا، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً، ولها مفهومات واسعة. العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته، وفي كل أحواله، وفي كل شؤونه فلذلك، المساحة الثانية العبادات.لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية: أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))[ مسلم عن أبي هريرة ] هذه الصلاة. الصوم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة ] الحج:(( من حج بمال حرام، ووضع رجله في الركاب، وقال: لبيك اللهم لبيك ينادى أن: لا لبيك، ولا سعديك، وحجك مردود عليك ))[ ورد في الأثر ] الزكاة، قال تعالى: ﴿ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ {53} ﴾( سورة التوبة الآية: 53 ) شهادة أن لا إله لا الله:(( من قال: لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها ؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ] فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد، والمساحة الثانية مساحة العبادات.3 ـ مساحة المعاملات: والمساحة الثالثة مساحة المعاملات، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال: (( أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ))[ أحمد عن أم سلة ] إذاً: الإسلام مجموعة قيم أخلاقية، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ ))[ متفق عليه عن ابن عمر ] الإسلام بناء أخلاقي، والعبادات الخمس أركان الإسلام، لذلك قالوا: الإيمان هو الخَلق، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان. أول مساحة العقائد، الثانية العبادات، الثالثة المعاملات: ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام. والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا.4 ـ مساحة الأخلاق: المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق، ما لم يكن منصفاً، ما لم يكن متواضعاً، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين.خاتمة: أيها الإخوة الكرام، هذا تقديم وتمهيد لموضوع أسماء الله الحسنى، يقول الله عز وجل:﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) ﴾( سورة طه ) ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾( سورة الأعراف ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))[ متفق عليه ] وهاتان الآيتان وهذا الحديث نشرحهما إن شاء الله في درس قادم.والحمد لله رب العالمين

    • الصَّلاة

    • المصائب

بالصوت و الصورة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016
chalhaoui

صلة الرحم





صلة الرحم


لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
صلة الرحم :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول"، ولعله من أبرز العبادات التعاملية إنه "صلة الرحم"، فقد قال الله عز وجل:
﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى ﴾
[ سورة النساء الآية: 36 ]
صلة الرحم من أبرز العبادات التعاملية
وقد قرنت هذه العبادة التعاملية بالصلاة والزكاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:
(( أخبرني بعمل يُدْخِلُني الجنَّةَ، ويباعدني من النار، فقال القوم: ما لَهُ؟ ما لَهُ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أرَبَّ ما لَهُ؟ تعبدُ الله لا تُشْرك به شيئاً، وتقيمُ الصلاةَ وتُؤتي الزكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي أيوب ]
هذا قانون، وقد أُمرت الأمم قبلنا بصلة الرحم، فقال سبحانه:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى ﴾
[ سورة البقرة الآية: 83 ]
ودعا النبي صلى الله عليه وسلم في مطلع نبوته إلى صلة الرحم، فعن أبي أمامة قال:
(( كُنْتُ وأنا في الجاهلية أظُنُّ أنَّ الناس على ضلالة، وأنهم لَيْسُوا على شيء وهم يَعْبُدُون الأوثان، فسمعتُ برَجُل بمكةَ يُخْبِرُ أخْبارا، فَقَعَدْتُ على رَاحِلتي، فَقَدِمْتُ عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِيا، حِرَاء، عليه قومه، فَتَلَطَّفتُ، حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنتَ؟ فقال: أنا نبي، فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله فقلت: فَبِأيِّ شيء [ أرسلك ]؟ قال: [ أرسلني ] بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يُوَحَّدَ الله ولا يشرك به شيء ))
[ أخرجه مسلم عن عمرو بن عبسة ]
صلة الرحم عبادة تحتل المركز الأول بعد العبادات الشعائرية :
تلاحظون أن هذه العبادة التعاملية تحتل أول مركز بعد العبادات الشعائرية، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يربط هذه العبادة بأن يكون الأرحام لهم مكانة، قال النبي الكريم:
((أوصاني خليلي بصلة الرحم وإن أدبرت ))
[ أخرجه الطبراني والطبراني عن أبي ذر الغفاري ]
و:
((أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع : خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية ، وكلمة العدل في الغضب والرضى ، والقصد في الفقر والغنى، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وأن يكون صَمْتي فِكْرا ، ونُطْقِي ذِكْرا، ونظري عبرة ))
[أخرجه زيادات رزين عن أبي هريرة ]
أيها الأخوة، بل إن هذه العبادة التعاملية الأولى ربطت بالإيمان، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
(( وَمَن كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر فليَصِل رَحِمَه ))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة ]
صلة الرحم عبادةٌ عظيمة من أخصّ العبادات :
صلة الرحم عبادة عظيمة من أخص العبادات
أيها الأخوة، صلة الرحم عبادةٌ عظيمة من أخص العبادات، يقول عمر بن دينار: ما من خطوةٍ بعد الفريضة أعظم أجراً من خطوةٍ إلى ذي رحم، ثوابها معجلٌ في الدنيا، ونعيمٌ مدخرٌ في الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
(( إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم ))
[أخرجه الطبراني في المعجم عن أبي هريرة ]
أعجل ثواباً في الدنيا قبل الآخرة، والقائم بحقوق ذوي القربى موعودٌ في الجنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
((أصحاب الجنة ثلاثة ذو سلطان مصدق ومقسط موفق ))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم عن عياض بن حماد]
إنسان قوي، عادل، مستقيم، موفق، محسن.
(( ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قُرْبَى ومسلم ، وعفيف مُتَعَفِّف ذو عيال ))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم عن عياض بن حماد]
السخاء على الرحم له ثوابٌ مضاعفٌ من رب العالمين :
السخاء على الرحم له ثوابٌ مضاعف من رب العالمين
أيها الأخوة الكرام، أمر الله بالرأفة بالأرحام كما نرأف بالمساكين، قال عز وجل:
﴿ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾
[ سورة الإسراء الآية: 26]
وحق الرحم في البذل والعطاء مقدمٌ على اليتامى والمساكين، قال تعالى:
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾
[ سورة البقرة الآية: 215 ]
أيها الأخوة، السخاء على الرحم له ثوابٌ مضاعفٌ من رب العالمين، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم دققوا في هذا الحديث:
(( الصَّدَقَةُ على المسكينِ صَدَقة، وهي على ذي الرَّحمِ اثنتان: صدقة وصِلة ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن سلمان بن عامر ]
إن تفقدت ذوي رحمك لك أجران؛ أجر الصدقة مع أجر الصلة، وأول من يعطى من الصدقة هم الأقربون من ذوي المسكنة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:
(( كان أبو طلحةَ أكثَرَ الأنصار مالا بالمدينة من نخل، وكان أحبَّ أمواله إِليه بَيْرُحاءَ - بستان جميل جداً وكانت مستقبلةَ المسجدِ - فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدخُلُها، ويشربُ من ماء فيها طيِّب ، قال أنس: فلما نزلتْ هذه الآية: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }
[آل عمران : 92]
قام أبو طلحةَ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، إِن الله تبارك وتعالى يقول: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وإِن أحبَّ مالي إِليَّ: بَيْرُحاءَ، وإِنَّها صدقة لله، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله فَضعْها يا رسولَ الله حيث أراكَ الله، قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بَخ، ذلك مال رابح ذلك مال رابح ))
[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن أنس بن مالك ]
بعضهم يقول: لما سمي المال مالاً؟ لأنه ليس لك ما لك، أما إذا أنفقته في سبيل الله فيصبح لك.
(( ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلتَ، وإِني أرى أن تجعلَها في الأقربين، فقال أبو طلحةَ: أفعلُ يا رسولَ الله، فقسمها أبو طلحةَ في أقاربه وبني عمه))
[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن أنس بن مالك ]
الباذل لأقربائه سخيُ النفس كريم الشيم :
أيها الأخوة، الباذل لأقربائه سخيُ النفس، كريم الشيم، يقول الشعبي -رحمه الله-: والله ما مات ذو قرابةٍ لي وعليه دين إلا وقضيت عنه دينه.
أحد أخواننا الكرام، له ابن عم أستاذ جامعي، توفي بمرض وبيل، فسأل أولاده أمامي أَعلى والدكم دين؟ قالوا: نعم، قال: هو عليّ، قال لي: تصورت عشرة آلاف، عشرين ألفاً، بعد عدة يوم سألهم، فقالوا: ثلاثمئة وخمسة وثمانين ألفاً، قال لي: والله دفعتها عداً ونقداً، أقسم لي بالله وقال: كان عندي بضاعةٌ كاسدة من سنوات طويلة بعتها بعد عدة أيام ونصيب أرباحي منها المبلغ نفسه.
فهذا الشعبي يقول: ما مات ذو قرابةٍ لي وعليه دين إلا وقضيت عنه دينه.
من هم الأرحام؟
الأرحام نوعان: رحم الإيمان، ورحم القرابة القريبة أو البعيدة
من هم الأرحام؟ بشكل موضوعي الرحم الأولى رحم الدين، هي رحمٌ عامة تشمل جميع المسلمين، تتفاوت صلتهم بحسب قربهم وبعدهم من الدين، أو بحسب قربهم المكاني أو الزماني فيدل على ذلك قوله تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾
[ سورة الحجرات الآية: 10 ]
أي مؤمن هو أخوك في الدين بحسب مكانه، طبعاً الإنسان بالصين غير الإنسان بالشام، الذي في الشام أقرب إليك، بحسب المكان، والزمان، والقوة في الدين، لذلك قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾
[ سورة الحجرات الآية: 10 ]
الأخوة الإيمانية لجميع المسلمين، وقال تعالى:
﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾
[ سورة محمد ]
هنا الرحم العامة رحم الإيمان، أي كل أخ مؤمن له عليك حق.
النوع الثاني: رحم القرابة القريبة أو البعيدة من جهتي الأبوين، إذاً كل أقربائك القريبة والبعيدة من جهة الأبوين، أي من جهة والدك ومن جهة أمك.
صلة الرحم تدفع ميتة السوء :
صلة الرحم تدفع ميتة السوء
أيها الأخوة، العلاقات بين الناس تزداد وثوقاً بالرحم، وقريبك لا يمَلّك على القرب، ولا ينساك في البعد، عزه عزٌ لك، وذله ذلٌ لك، قال القرطبي رحمه الله تعالى: اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبةٌ، وأن قطيعتها محرمة.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الجوار وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار))
[ أخرجه الإمام أحمد عن عائشة أم المؤمنين ]
معنى يزيدان في الأعمار؛ هناك معنى شرحه العلماء قالوا: العمر لا يتبدل، لكن العمر يغتني بالعمل الصالح، أو يطول بالعمل الصالح، ويقصر بضعف العمل الصالح، أوضح مثل إنسان فتح محله التجاري ساعة باع بمليون، وإنسان فتحه اثنتي عشرة ساعة باع بمئة ليرة، فالزمن ليس له قيمة، القيمة لهذا المبلغ الذي باع فيه في هذا اليوم.
و عن أنسٍ رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( إن الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ ، وتَدْفَعُ مِيتَة السُّوءِ ))
[ أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ]
والله مرة في طريقي إلى مكتبي وجدت إنساناً ملقى على الأرض مغطى بغطاء، مات لعله بسكتة دماغية في الطريق، هذا الساعة التاسعة صباحاً، الساعة الرابعة بعد الظهر هو هو، الطبيب لم يأتِ، إنسان يموت في الطريق، إنسان يموت في بيته بين أهله، فلذلك صلة الرحم تدفع ميتة السوء.
كيفية صلة الرحم العامة و الخاصة :
صلة رحم الدين تكون بملازمة الإيمان والمحبة للمؤمنين
أيها الأخوة، أولاً: رحم الدين كيف نصلها؟ قال: بملازمة الإيمان، والمحبة للمؤمنين، ونصرتهم، والنصيحة لهم، وترك أذيتهم، والعدل بينهم، والإنصاف في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة، كتمريض المرضى، ومواساة الفقراء من دون أن يمن عليهم، ونصرة المظلومين، وحقوق الموتى من غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة على أهل الإيمان، هذه الرحم العامة، الرحم الخاصة رحم القرابة، وتكون صلتها بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع وجيههم وغنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتكون الصلة باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، ومشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم، وتكون الصلة بالدعاء للأرحام، وسلامة الصدر لهم، والحرص على نصحهم، ودعوتهم للخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وإصلاح ذات البين إذا فسدت.
حدثني أخ قال لي: أنا أسكن ببيت، ثاني قبو تحت الأرض، شمالي، مساحته سبعون متراً، رطوبته عالية جداً، أولادي معهم أمراض كثيرة، قال لي: والله ما خطر في بالي شيء، إلا أنك حينما تحدثت عن صلة الرحم زرت أحد أقربائي، لم أجده فوضعت له بطاقة، يبدو أن هذا القريب رأى من الواجب أن يرد الزيارة، ردها بعد العيد، رأى بيتي بهذا الوضع، قال له: هذا البيت لا يُسكن، قال لي بمروءةٍ عجيبة وبحرصٍ على أولادي: ابحث عن بيت بمليوني ليرة، القصة قديمة، قال لي: والله الله أكرمني ببيت في الطابق الرابع، جنوبي، انتقلت إليه وحياتنا انقلبت رأساً على عقب بهذه الصلة.
صلة الرحم زيارة وتفقد ومساعدة وتوجيه :
صلة الرحم زيارة وتفقد ومساعدة وتوجيه
الحقيقة هذه الصلة تعني أن القوي من الأقارب يعاون الضعيف، وأن الغني يعاون الفقير، وأن العالم يعاون الجاهل، أنا أتصور صلة الرحم عملية معقدة جداً، الناس اختصروها بزيارة مع بطاقة، ويتمنى ألا يجده، يضع البطاقة وانتهى الأمر، كأن هذه الصلة مسخت، أنا أتصور صلة الرحم أن تزوره، أن تتفقد شؤونه المعاشية، التربوية، الدينية، الاجتماعية، أن تمده بما تستطيع، من مال بأسلوب ذكي جداً، لطيف، مثلاً على المدارس هناك هدية معينة، على أول العام الدراسي هناك هدية معينة، في مواسم العبادة هناك هدية معينة، في الأعياد أن تمده بالمال، أن تمده بتعليم أولاده.
والله حضرت قبل يومين جمعية رائعة جداً، أي طالب متفوق لم يتح له أن يدرس في الجامعة، هذه الجمعية مختصة بالإنفاق عليه حتى التخرج، هذا شيء يفعله أهل الدنيا بأكملهم، طالب متفوق يجب أن يدرس.
فأنت حينما تتفقد من حولك المكافأة في الدنيا قبل الآخرة، أولاً: تكون هذه الصلة ببشاشةٍ عند اللقاء، ولينٍ في المعاملة، وطيبٍ في القول، وطلاقةٍ في الوجه، وزيارات، وصلات إحسانٍ إلى المحتاج، وبذلٍ للمعروف، تكون بنصحهم والنصح لهم، ومساندة مكروبهم، وعيادة مريضهم، والصفح عن عثراتهم، وترك مضرتهم، والمعنى الجامع لكل هذا إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، هذه الصلة، الصلة زيارة، الصلة تفقد، الصلة مساعدة، الصلة توجيه.
والله سمعت عن أسرة في هذه البلدة الطيبة أنشؤوا شركة غير ربحية من أجل أن تهيئ فرص عمل للشباب الفقراء من هذه الأسرة، لها اجتماعات تعين الشباب، تبحث عن مستقبلهم، تبعثهم إلى الجامعات، من أروع الأُسر، أقامت جمعية خيرية من أجل مساعدة أفراد هذه الأسرة الكبيرة.
كل إنسان يتفقد أرحامه له من الله معاملة خاصة :
كل إنسان يتفقد أرحامه له من الله معاملة خاصة
أيها الأخوة، إلا أن الأقارب يختلفون في أحوالهم، وطباعهم، ومنازلهم، منهم من يرضى بالقليل، تكفيه الزيارة السنوية، والمكالمة الهاتفية، منهم من لا يرضى بطلاقة الوجه، والصلة بالقول، منهم من يعفو عن حقه كاملاً ويلتمس المعاذير لأرحامه، ومنهم من لا يرضى إلا بالزيارة المستمرة والاهتمام الدائم، فمعاملتهم بهذا المقتضى، كل قريب له طبع، هذا القريب يكفيه بالسنة زيارة، هذا القريب يحتاج إلى زيارة دورية، هذا القريب دقيق جداً يحاسبك على الهمسة، هذا القريب متسامح.
على كلٍّ بشكل مختصر: تبدأ صلة الرحم بنوعٍ من الاتصال، قد يكون هاتفياً، قد يكون بريدياً، قد تكون زيارة، ثم تفقد الأحوال المعيشية والاجتماعية، ثم المساعدة بألطف أسلوب، ثم الأخذ بيد القريب وأهله إلى الله، وحملهم على طاعته والتقرب إليه، وهذا تاجٌ تتوج به الصلة، أي إذا تمكنت أن تأخذ بيد هذه الأسرة إلى الله، دعوتهم إلى مسجدك، اعتنيت بهم، تفقدت شؤونهم، أكرمتهم بهدايا:
(( يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ))
[ ورد في الأثر]
والله بالواقع أعرف أناساً كثيرين يتمتعون بهذه العبادة التعاملية، والله عز وجل أكرمهم إكراماً لا حدود له، أخ كريم له خمس أخوات بنات، أزواجهن ليسوا أغنياء، هذه بحاجة إلى عملية جراحية على حسابه، هذه تريد مساعدة شهرية على حسابه، شيء عجيب جداً، كل إنسان يتفقد أرحامه له من الله معاملة خاصة.
الآن عندنا أقارب متعبون، حتى لو كان الأقارب من النوع المتعب الذي يقابل الإحسان بالإساءة لا يجوز أن تقاطعهم، لأنك تتعامل مع الله، طاعةً لأمره، والتزاماً بسنة نبيه، أي اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله.
غض البصر عن الهفوات والعفو عن الزلات تجني الود والإخاء واللين والصفاء :
غض البصر عن الهفوات تجني الود والإخاء
أيها الأخوة، الواقع أن ذوي الرحم غير معصومين، يتعرضون للزلل، ويقعون في الخلل، تصدر منهم الهفوات، يقعون في خطيئاتٍ كبيرات، فإن بدر منهم شيءٌ من ذلك فالزم جانب العفو معهم، فإن العفو من شيم المحسنين، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزة، وقابل إساءتهم بالإحسان إليهم، واقبل عذر معتذرهم، ولك في النبي الكريم يوسف القدوة والأُسوة، فقد فعل أخوة يوسف مع يوسف ما فعلوا، وضعوه في الجب ليموت، أي قتلة، وعندما اعتذروا قَبِل عذرهم، وصفح عنهم الصفح الجميل، ولم يوبخهم بل دعا لهم وقال:
﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾
[ سورة يوسف ]
هناك ملمح دقيق في الآية، قال:
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾
[ سورة يوسف الآية: 100]
لم يقل من الجب، إن قال: إن أخرجني من الجب ذكرهم بخطيئتهم، تجاهل خطيئتهم قال:
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾
[ سورة يوسف الآية: 100 ]
لم يصف أنهم أعداء، قال: نزغ الشيطان بيننا، هذا تلطف عال جداً، الأنبياء مثل عليا.
حق الرحم :
حق الرحم
أيها الأخوة، إذاً غض البصر عن الهفوات، والعفو عن الزلات، وإقالة العثرات تجني الود، والإخاء، واللين، والصفاء، وتتحقق فيك الشهامة، والوفاء، وداوم على هذه الصلة ولو قطعوا، وبادر بالمغفرة ولو أخطؤوا، وأحسن إليهم ولو أساؤوا، ودع عنك محاسبة الأقربين، ولا تجعل عتابك لهم سبباً لبعدهم عنك، وكن جواد النفس، كريم العطاء، وجانب الشح فإنه من أسباب القطيعة.
وعن عبد الله بن عمرو قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(( وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح أمرهم بالقطيعة فقطعوا أرحامهم، وأمرهم بالفجور ففجروا وأمرهم بالبخل فبخلوا ))
[ أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]
قيل لأحدهم ما حق الرحم؟ قال: تستقبل إذا أقبلت، وتتبع إذا أدبرت، أي ليس الواصل بالمكافئ، زارني أزوره، دعاني إلى وليمة أدعوه إلى وليمة، هذا نمط الغرب، أما عند المسلمين فأصله ولو قطعني، أصله ولو جافاني.
(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع: خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وأن يكون صَمْتي فِكْرا، ونُطْقِي ذِكْرا، ونظري عبرة، وآمرُ بالعُرْف ))
[أخرجه زيادات رزين عن أبي هريرة ]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي الكريم:
(( يا رسولَ الله، إِن لي قرابة، أصلِهُم ويقطعونني، وأُحْسِن إِليهم ويُسيئُون إِليَّ وأحلُم عنهم، ويجهلون عليَّ؟ قال: لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهُم الملَّ - التراب - ولن يزال معك من الله ظهير عليهم ما دُمتَ على ذلك ))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
أيها الأخوة، هذا بعض ما في هذه الصلة، وهذه العبادة التعاملية الأولى بعد العبادات الشعائرية، أسأل الله سبحانه وتعالى أن تترجم هذه النصوص والحقائق إلى سلوك يومي.
والحمد لله رب العالمين
صلة الرحم

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments



Top